4.333335
Average: 4.3 (3 votes)
إذا كانت الجغرافية الوعاء الذي يحتوي العلوم كافة, باعتبار أن غايتها الإنسان ومنطلقها الإنسان, فإن هذا لا يعني أن الجغرافي هو العالم بالعلوم كافة, وإنما علمه فيها بالقدر الذي لتلك العلوم من تدخل في الوسط الذي يعيش فيه الإنسان متأثراً ومؤثراً به.
إن محاولة كشف الحقيقة التي غدت شبحاً تمثل غاية الكتاب وهدفه القريب, وستبقى النور الساطع المُظهر لما أُخفي, والموضح لما أُبهم. والجغرافية: علماً قبل أن تكون أدباً. تحليلاً وتعليلاً قبل أن تكون تعبيراً وقراءة لما بين السطور. استشعاراً للقادم وليست تغن بالماضي. استنطاقاً للمجهول انطلاقاً إلى المعلوم. وهي الحاضر بكل أبعاده والماضي بما أورثه وبما تركه من بصمات تمكن من قراءة الغد القادم. إنها الكلمة المعبرة والرقم المؤشر, والعلاقة التي تجمع ولا تفرق. وهي الكلمة بمكوناتها وليس بأحرفها. وكان هذا الكتاب ردة فعل لمعاناة الجغرافية, مما مرّ بها من افتقاد هويتها العربية, بعد أن تداعت البرجوازية العلمية على مفترق طرق الوصولية. ويبقى الأمل كبيراً في صحوة ويقظة, ونهوض من كبوة. والبحث عن الذات هو من البحث في المعلوم, والبحث في الأرض. والبحث الجغرافي: هو الامتحان لجغرافيتنا, ولنجاحنا وإخفاقنا. وحسبي أني قدمت في هذا الكتاب ما أردت منه تصحيحاً لمسار, وتصويباً لهدف, وبلوغاً لغاية نصبو إليها.
مشاركات المستخدمين