أنت هنا
بعيدا عن العنكبوت.. رواية كل النساء!!

تبدأ الأديبة العراقية فليحة حسن روايتها الجديدة بصراخ موجع لأنثى، والصادرة نهاية عام 2012 عن دار (آراس) في اربيل، إحدى اكبر دور النشر والتوزيع في كردستان، تحت عنوان (بعيداً عن العنكبوت حارستي حمامة واكره مدينتي)، تقع الرواية في 79 صفحة من الحجم المتوسط، فيما الغلاف تزينه حمامة تحلق في فضائه معبرة عما يجيش في قلب الكاتبة الباحثة عن السلام والامان والتي تريد ان يكون الفضاء مُفعمًا بالهديل والجمال كرها بالحرب ومآسيها.
الرواية التي تلاقى رواجًا تبدأ بصراخ لانثى تحاول ان تهرب من قدرها التي جعلها ترتبط بشقيقها برباط الجسد الواحد، بعد ان وجدت نفسها لم تعد تحتمل العيش بالطريقة التي هي عليها وهي ملتصقة بأخيها، لكنها تصطدم بما يقوله اخوها (هذا قدرنا نحن صنيعة القدر، لم تعترضين على ماصنعه القدر؟) ويبدو ان هذه الصدمة جعلت منها تتهاوى على ان تستسلم لما هي فيه، وتتوالى الاسئلة العديدة التي لم تجد اجوبة شافية، اسئلة لا تنتهي تمتد الى النطفة الاولى لهما في رحم الام وصولا الى اللحظة التي هما فيها وهذا الشكل الذي يريانه مخيفا، والرواية في مجملها تحكي عن معاناة الشعب العراقي وما مرّ به من ويلات الحروب المتعددة بصورة مشوقة جسدتها قصة الرواية التي دارتْ حول حياة توأم سيامي ( ذكر وأنثى) لا يعلمان من الحياة إلا ما تجود به لهما قريحة جدتهما من معرفة تنقل لهما كخبر يومي مسموع،لكن الغريب هو ما اختتمت به الكاتبة روايتها وهو تروي معاناة التوأمين، حين تجعلهما يبصران الشارع لاول مرة، ولكن المشهد الذي يتمثل لهما فيه مروعا، (سارع التوأمان من مكانهما زحفا الى ثقوب الجدار، ونظرا بسعادة كبيرة جدا، ونظرا بسعادة كبيرة جدا، الى الشارع الذي بانت لهما أجزاء منه وأول مرة في حياتهما، وقع نظرهما على طفل يحمل بيديه بالونا يضمها لصدره وآخر يحاول أخذها عنوة منه، ولما لم يفلح الأخير في ذلك رفع كسرة من إحدى الطابوقات وضرب بها رأس صاحب البالونة فشغب الدم من رأسه وأخذ يصرخ صائحا وهو يركض حاملا بالونه : -دم... دم.... دم)، كأنما الكاتبة تنذر باستمرار العنف والمعاناة والدم، وترسم للتوأمين صورة تجعلهما يفضلان الاختباء والعتمة على الحرية التي قد تمنح لهما.
وكما تقول فليحة عن روايتها إنها رواية نسوية انحزتُ بها للمرأة التي أفقدتها الحروب كل ما هو جميل في حياتها وصورتُ بها حجم خسران المرأة العراقية وتوالي أحزانها.