أنت هنا

قراءة كتاب معادلة الحياة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
معادلة الحياة

معادلة الحياة

كتاب " معادلة الحياة " ، تأليف فاتحة ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 7

- يا الهي إنه يقترب مني... وأخي معي.

توجّه بالكلام إلى أخي متظاهراً بعدم معرفته لي:

- يبدو أنني أنا من أخافها فقد قالت إن شكلي يشبه الكاميرا.

ابتسم مساعد المخرج وقال:

- اسمعي إن المباشر ليس هناك ما هو أسهل منه ولا أجمل لأنه يوحي بالطبيعي والتلقائي الذي في داخلنا، فلا تصنّع فيه ولا تمثيل بل علينا فقط الثقة بأنفسنا والتصرف بطريقة عادية، إذن فلا تكلفة فيه وكأننا في الشارع أو في البيت مع أهالينا أما إن كنت تخشين عدم نجاحك فأنا معك في هذا.

يتدخل المصور في هذه الأثناء:

- إذا خشيت عدم النجاح فلتقل لنفسها ماذا سأخسر فلست سأدفع فلساً من جيبي، إنها مجرد لعبة واللعب لا يكون إلا للترفيه وليس للقلق.. وقبل أن يكون هناك التفاح ماذا كان يأكل المريض.. هذا مثل شعبي نقوله نحن في بلدنا ويقوله الإنسان لنفسه حتى يقويها لتقبل الخسائر وإن كنت لست أرى خسارة في حياتك بل مجرد لعبة لا أكثر.

كان رائعاً وهو يتحدث... كان يبدو واثقاً من نفسه وواعياً جداً لما يقول، وكأنه يحفظ ذلك الكلام حفظا مسبقاً... كم كان طلق اللسان جميل الصوت متزن الوقوف كأنني لم أكن أرى غيره ولم يكن في ذلك المكان إلا أنا ورنة صوته، أجل رنة صوته.

وإذ بي أسمع صوت أخي:

- إنك محق ولكن للخسارة تأثيرها أيضاًً فمشقة الطريق وثمن البنزين والوقت الضائع.

فيجيبه:

- ألم يسبق لك مشاهدة مباراة كرة قدم؟

- بلى.

- بعيداً عن مدينتكم مرافقاً لفريقكم؟

- بلى.

- ألم تكن تدفع ثمن التذكرة لدخول الملعب وثمن الحافلة وتضيع وقتاً في المشاهدة مضيفاً مشقة الطريق، وسواء ربح الفريق أم لا فماذا كنت ستستفيد؟

- فرحة النجاح إذا ربحنا وخيبة الأمل إذا خسرنا.

- أرأيت، اليوم ستشاهد مباراة مشابهة، فقط تختلف نسبياً لأنها مباراة فكرية.

- يبدو أنك أستاذ في الإقناع ولست نداً لك.

تمنيته لحظتها لو كان هو أخي بدلاً من هذا المتغطرس ثم تفاجأت بأخي يسأله:

- لكن بماذا تحدثت مع أختي قبل قليل فخرجت غاضبة.

- قلت لك شبهتني بالكاميرا فأخفتها.

ثم استدار إلي معتذراً:

- أنا آسف يا آنسة.

بعدها توجّه بالحديث إلى أخي معرّفاً عن نفسه وكأنه يقدم شخصه لي حتى أعرف اسمه.. أجل فقد كان يتعمد ذلك.

فجأة تدب حركة غريبة في الاستديو قائلين دقيقتين قبل بدء الإرسال، وقبل أخذ مكاني المفترض اقتربت منه خلسة عن أخي وهمست بأذنه:

- أنا وافرة الحظ أن تحضنني أعين هذه الكاميرا لتعكسني في أعين الناس، أنا أثق بقدرات فكرك فستزينني دون زينة أحملها وتكسوني بزهرة الإلهام يا سيد اللسان.

أجاب مندهشاً:

- وأخيراًً رضيت عني... بل أنا الأوفر حظاً بأن أظل محدقاً بك لمدة ساعة ونصف.

مر كل شيء بشكل جيد وطبعاًً خرجت أحمل أفضل مما كان يعتقد أخي، وأحياناًً أقول المهم أن لا يسبب لي مشاكل في البيت لو خسرت؛ فحمداً لله وحده من أعانني ووفقني للتمكن من التركيز بعد كل ما حدث قبل البدء. كنت حقاً سعيدة وظل أخي كعادته يخطط عما سيفعله بذلك المبلغ وكأنه ملك له لكن.

عدنا إلى البيت لكن في غمرة تلك الفرحة لم يلحظ أخي أن المصور أعطاني عنوانه واقترح عليّ تعليمي فن التصوير، وعندما قلت لا أقدر على التكلفة قال بل على حسابي... قد أكون أخطأت بما همست به له قبل التصوير وبقبولي التعلم على حسابه ولكن لم تغب عن ذهني تلك اللحظة التي كان يذود فيها عني صوب أخي فأحسسته الأقرب وإن لم تكن تجمعنا أي قرابة، لكن كثيراً ما أحن إلى شخص يحميني من الظلم الذي ألاقيه من أخوي فيحسسني هذا الخير بالضعف المقيت، فقد كان هو أخي الذي أتمناه وهو أبي الذي أرسمه في خيالي... كنت أعلم أنه غير صحيح ولكن هذا ما حدث.

عند عودتنا أقيم حفل جميل في البيت ولكن أخي كان البطل فهو الرجل، انتهزت أنا الفرصة كي أطلب من أمي موافقتي على تعلم التصوير خصوصاً وأنه سيكون من دون مقابل، ورجوتها أن لا تخبر شقيقيّ هذه المعلومة التي ستدفعهما لفتح باب من الأسئلة الدائمة فوافقت وقالت: مثلما أفرحتِ أخويك سأفرحك أنا أيضاً وأوافق... موافقتها أراحتني كثيراً، فلن أضطر لتبرير أي شيء فيما بعد.

الصفحات