You are here
Overview
في هذا الوقت, أي النصف الثاني من شهر مارس –آذار 2009 م, حيث كانت الجزيرة لا زالت تبث ومنذ مدة طويلة برنامج(مع هيكل، تجربة حياة) جاءت الساعة التي تحدث فيها هيكل عما أسماه الحق والحقائق التاريخية مركزاً على الجغرافية السياسية للأردن. وكان استكمال ذلك في الحلقة التالية . بدت بوادر أزمة بين الأردن وقطر تكاد تقع بحيث طلب من قطر وقف بث الحلقة التالية. وصل الأمر إلى حد التهديد بان الأردن قد يعيد النظر في مشاركته بالقمة العربية القادمة في قطر بعد أيام. وكان الرد الإعلامي والصحافي الأردني سريعا وعاليا.
أخرت كتابي هذا حتى لا يكون ضمن ردود الدفاع عن الأردن لأنني أولا لم أرَ الأردن موضع اتهام إلا بمقدار كونه جزءا من النظام العربي الشامل . ثم أن الوقت وما يحمله من انفعال الرد أو الردود قد لا يصبح قراءة عقلية وموضوعية فيكف يكون قراءة حقائق التاريخ. اضافة لذلك فإن أسبابي في التأخير كانت فيما يلي:
أولا: إن هيكل في الحلقتين تلك تناول بتركيز وضع الأردن السياسي وتحديدا دور الهاشميين وأكثر تحديدا دور الملك حسين وابرز اتصالاته المبكرة مع الأمريكيين والإسرائيليين، ولأنني في متن الكتاب كنت قد تطرقت إلى ذلك، لكن من نقطة غير التي نظر من خلالها هيكل فكانت الرؤيا –كما اعتقدت – أكثر وضوحا. بحيث جاء ردي في الكتاب على مقال مطول للسيد هيكل عن شخصية الملك حسين في كتابه (كلام في السياسة) وقد اشتمل على كل ما ورد في الحلقتين المذكورتين.
ثانيا: لو إن هيكل في حديثه عن الجغرافيا السياسية للأردن قد جاء في قراءة شاملة لكيفية بناء الحدود السياسية للوطن العربي ربما استقام الحال مع عدم نفي احترام الاختلاف في قراءة ذلك التاريخ. بمعنى أوضح, إن هيكل لم يشر إلى الحرب الكونية الأولى وكيف تم تشكيل الدول العربية ورسم حدودها وليس حدود الأردن وحدها تلك الحدود التي تأكدت بعد الحرب العالمية الثانية. فهيكل يعلم قبل غيره أن في الوطن العربي كله كانت معالم الجغرافية واضحة من اليمن إلى بلاد نجد والحجاز إلى بلاد الرافدين إلى بلاد الشام إضافة إلى المغرب العربي وان التقسيم السياسي للجغرافيا جاء بعد ذلك ولم يستهدف الأردن وحده.
لم يشر هيكل يوما أن الملك فاروق على سبيل المثال كان ملك وادي النيل أي ملك مصر والسودان فكيف إذن بعد الثورة التي أسهم فيها هيكل منذ ما قبل اليوم الأول لتصبح مصر دولة والسودان دولة ومن رسم الحدود بينها؟ ومن رسم خطا مستقيما يمتد في صحراء مكشوفة بين مصر وليبيا يزيد على ألف كيلو متر ليس فيه أي حاجز طبيعي يشير أن قوما عاشوا هنا تفصله عن قوم أو أقوام إلى الغرب أو الشرق.
مشاركات المستخدمين