كتاب " أحاديث الأربعاء " ، تأليف فواز طرابلسي ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع ، نقرأ من مقدمة الكتاب :
تقدّم هذه الأحاديث نفسها بنفسها بما هي متابعات أسبوعية لأحداث لبنانية وعربية وإقليمية ودولية جارية تتوجّت بأحداث استثنائية، بل تاريخية، هي الثورات العربية من أجل العمل والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
تحمل الثورات العربية جملة تحدّيات على مستوى الفكر والفعل. فهي قد قلبت مفاهيم ومقاييس وقيماً وأوضاعاً وبنى ومؤسسات وبشراً رأساً عل عقب. وهي تكشف باطراد آليات تشغيل الأنظمة السائدة، سياسية كانت أم اقتصادية وثقافية وقيمية، فيما تباشر عمليات تفكيكها وتحويلها.
يتطلب الارتقاء إلى مستوى هذه التحديات طبعاً ما يتجاوز وظيفة عجالات أسبوعية أو قدرتها على الإحاطة. لكن لا يمكن إلا أن تترك أثرها ومتطلبات الرد عليها على كل جهد فكري وكتابي. ما هو موضوع بتصرّف القارئ هنا إطلالات على ما كشفته الثورات عن الواقع العربي، وإضاءات على بعض عواملها وقواها الدافعة، وتشخيص لتلك القوى وفرزٌ بينها، إضافة إلى استبيان للمشترك والخصوصي في العلميات الثورية المتزامنة.
الكتابة في الزمن الثوري مزيج من المتعة والارتباك والمسؤولية الكبيرة. المتعة بسبب فرحة الجديد الذي ينبئ بالكثير. والارتباك لأن ما من شيء تقريباً باق على ما هو عليه. والمسؤولية الكبيرة لأن الكلمة اكتسبت معنى جديداً بما هي فعل تغيير بذاتها.
لم يعد للغة أن تستمر كما السابق. ابتدعت الثورة لغتها عبر وسائل الاتصال الاجتماعية، وعلى اليافطات والحيطان، وفوق الأيدي والوجوه والأجساد. فعلى الكاتب أن يعيد تطويع لغته لإيقاع نبض الشباب الثائر، وأن يستوحي الخيال الخصيب للعبقرية الشعبية وهي تبتدع وسائلها النضالية غير المسبوقة، وأن يشحن مفرداته والتراكيب بأمثولات من البطولة والتضامن والتضحية تفتقت عنها جماهير ذاقت طعم الحرية أو تاقت إليها.
وفوق هذا كله، تبقى الكتابة في الزمن الثوري محكومة بأن تنمّي الأمل.
مشاركات المستخدمين