أنت هنا
نظرة عامة
كتاب " أزمة النخب العربية " ، تأليف د. حسن مسكين ، والذي صدر عن مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
إن المتتبع لواقع الأمة العربية والإسلامية ليشد انتباهه هذا التردي المتنامي للعديد من مناحي الحياة فيها، إلى درجة أصبح معها الباحثون والمهتمون بشؤون الثقافة والتنمية يقرون باستحالة الخروج من هذه الدوائر، في ظل حقائق واضحة، وأرقام دالة على أن التخلف في هذه البلدان أصبح لازماً وإطاراً يجمعها، وسمة عامة توحدها، في الوقت الذي تشتت جهود مثقفيها، وتبددت أحلام مفكريها في إقامة مشروع تنموي، كثيراً ما رددت شعاراته في مؤتمراتها، وكررت بنوده في توصياتها، إلى الحد الذي باتت معه هذه الخطابات مجرد صيحات في وادٍ سحيق، بل إن البعض غداً يتحدث اليوم عن أن هذه البلدان أصبحت نموذجاً في تنمية التخلف وتخصيب منابعه وتهيئ كافة الشروط لتجذيره!
إن الإشكال الذي نعيشه في البلدان العربية والإسلامية يكمن في هذا التباين القائم بين ما نملكه من رصيد ثقافي – حضاري وما يمكن أن نضيفه إلى هذا الرصيد – بعد عرضه على ميزان النقد – من إنتاج يدفع باتجاه الخلق والإبداع، بدل الاجترار والإنشاد الذي لم تعد يجدي شيئاً، في ظل ما أنتجته شعوب أثبتت جدارتها في استثمار ما تملكه من مخزون معرفي، والإفادة من أخطائها أيضاً، إضافة إلى الأبعاد التي بإمكانها أن تجعل هذا المعطى الحضاري فاعلاً، يساهم فيه الجميع، ويستفيد منه الوطن، سواء اتخذ له أبعاداً سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً أو ثقافياً، دون مفاضلة معيارية، تلغي ذلك التكامل الذي يمنح التنمية بعدها النسقي المأمول كي تكون منتجة. ونحن لا نخص بذلك أصحاب القرار الفعلي فحسب، بل كل الهيئات والفاعلين على اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم، بما فيها المعارضة، التي عليها أن تتخلى عن النقد والاعتراض الكلي والسلبي، كي تقترح بدائل وبرامج، تستجيب وطموحات الوطن، وآمال شعوبه، في ظل تحولات عالمية ما فتئت تفاجئنا بالجديد والغريب والعجيب، وذلك حتى لا نظل ننظر من بعيد فقط، ونستورد الجاهز، سواء كان سلعة أو فكرة أو رأياً. حين ذاك يمكن أن نتحدث عن أدوار يمكن أن تنفذ، وتطورات يمكن أن تناقش، وخطط يمكن أن تنجز.
مشاركات المستخدمين