كتاب " أوراق امرأة " ، تأليف عواطف الزين ، الذي صدر عن دار موزاييك للترجمات والنشر والتوزيع ، نقرأ من مقدمة الكتاب :
علي مدي ثلاثين عاما أو يزيد اختارت الكاتبة عواطف الزين أن تشق طريقها وتحفر سماتها وقسمات صوتها الخاص في عالم الصحافة والأدب دون ضوضاء، أوادعاءات فارغة، فالكتابة لديها فعل حياة، وعمل دؤوب، ومتعة فائقة، فنجدها في لغتها تكتب دون تكلف،وببنية قصصية انسانية تتسم بتأمل العلاقات الثنائية بين الرجل والمرأة، بإسلوب يتسم بالبساطة والعمق في آن، طامحة إلى طرح الأفكار والتساؤلات التي تتصارع وتتشابك فلا تلتقي ولا تفترق، في شكل صاف ومتماسك فنياً وفكرياً، ينبع من شخصيات يعيشون مرارة الانسلاب، وعدم الامتلاء محاطة بمشاعر وظروف العالم الذي تعيش فيه، من فوضى ضاغطة اختلت فيها المفاهيم والقيم، ولعل هذا هو السبب في عدم تصنيف كتابتها ضمن أُطر معينة تخضع الي مساطر اتجاهات ومراحل زمنية افترضها النقاد، وهو ما نجده في مجموعتها الجديدة - آوراق امرأة - ولعل العنوان يشير إلى عدد من الاشارات، أولها وأهمها، هو التعمية على البعد الذاتي، وعدم المساس بالتجربة الذاتية لشخصها، ولهذا فالعنوان فيه عمومية وشمول وتجريد لا يتطرق إلى ما هو حسي ملموس، ولعل هذا الملمح هو أول مفتاح يمكن منه أن نلج أبواب نصوصها في هذه المجموعة المهمة، فكل رجل هو آدم، وكل امرأة/ هي حواء،،وهو مايبرر استخدام الكاتبة لضمير الغياب بكثافة، فتفاصيل الجسد شبه غائبة إلا من شفافية عابرة، بعيدة عن اللذة والتحنين والرغبة العاجلة أو المؤجلة، وكلها تبدو .. حدود تمني لا ينفلت إلى الفعل بانعطافاته وتجسداته، فالتجارب كلها اعتبارية تحيل إلى لغة غير مباشرة وشخوص ليست سوي ضمائر غائبة لزيادة إيهام القاريء، فلا يقرر أو يظن أن هذه الشخوص والتجارب تحيل إلى كاتبتها، ولهذا تكتب عواطف الزين قصصها مستندة إلى تراكمات وتجارب وتساؤلات قلقة، نابعة من واقع لا يحقق المتعة القرائية فحسب، وإنما يوّلد الأسئلة، التي لا يجيب عنها الواقع مباشرة، فذلك كله نراه منعكسا على العلاقات المشوهة بين الشخصيات العائشة فيه، فالذي يخون حبه، لا يختلف عن الذي يحمل سلاحا أو معولا ليدمر بناءً، وعليه فإن قصص هذه المجموعة تعبر تعبيراً دقيقاً عن هموم الكاتبة ورؤيتها الابداعية المتصلة بعالم الابداع بكل مافيه دلالة وتأثير .
مشاركات المستخدمين