0
لا توجد اصوات
كتاب "التراث السوري المعرض للخطر " ، تأليف: فرانكلين لام ، وترجمة : رشيد عبد الهادي ، نقرأ من الكتاب :
عندما يرى العالمُ تاريخَ سورية العريق القديم، ويدرك أنَّ أولَ اتفاقيةٍ للسلامِ في العالم التي تُحرِّم القتلَ والاعتداءَ، وتدعو للسلام قد دُوِّنت هنا على هذه الأرض وفقاً لمكتشفات تل مرديخ في إيبلا، وأنَّ الشعبَ السوري هو أولُ من رسمَ طائرَ الحمامِ، والغصنَ الأخضر في مملكة ماري. وعندما يتذكَّر العالم أنّ هذه الأرضَ المقدسةَ التي عُرِفَت بأنّها أرضُ الأديانِ السماوية والأنبياء والقديسين، التي من شارعها المستقيم يمكن للإنسان أن يتخيّل ذلك الصدى؛ إنّه صدى خطوات القدِّيس «بولس»، الذي بدأ رحلة الإيمان والتبشير من ذلك المكان. بينما تحتضنُ سفوح القلمون على منحدراتها بلدة معلولا القديمة؛ حيث يرنُّ في قلبك صوت اللغةِ الآرامية لغةِ السيد المسيح.
وعندما يتأمل العالمُ هذه الأرضَ التي حملت ذكريات الإبداع الإنساني، الأرضَ التي لآثارها صوتٌ تسمع القلوب دقاته، وحيث روعة الماضي تمتزج بجمال الحاضر؛ لتشكِّل بانوراما لكثيرٍ من مواقع الجذب السياحي؛ عندئذٍ فليس من المستغرب والمدهش أن نرى هذا الشعب يواجه بصبرٍ وشجاعةٍ كلّ هذه الهجمة من الإرهاب، مستهدِفاً سيادته الوطنية، وتراثه الثقافي العالمي الذي هو تراث البشرية جمعاء. كم هو محزنٌ أن نرى هذا التراث الثقافي، وهذه الآثار المذهلة الرائعة قد تعرّضت على مدى السنوات الأربع الماضية من الأزمة السورية لدمارٍ هائلٍ، وتخريبٍ قامت به المجموعات الإرهابية المسلحة، وأصبح وضع المواقع الأثرية السورية مأساوياً؛ بسببِ الحفريات غيرِ المشروعة. لقد تدَّمر تراثنا الثقافي، وانتُهكت مواقعنا التراثية وجوامعنا وكنائسنا، وأصبح ما نملكه من قطعٍ أثريةٍ نفيسةٍ عرضةً للسرقةِ والتهريبِ والبيعِ في المزادات العلنية في أوروبة، وأمريكا، وغيرها من الدول.
مشاركات المستخدمين