أنت هنا
نظرة عامة
كتاب " العسف " ، تأليف جميل السلحوت ، من اصدار دار الجندي للنشر والتوزيع ، نقرأ من الكتاب :
في أول حزيران بعد عام من الاحتلال، وبينما كان أبو سالم عائدا من صلاة العشاء في المسجد، رأى خليل الأكتع خارجا من بيت الأستاذ داود، وفي يده رزمة أوراق ملفوفة، تحاشاه خليل ولم يطرح عليه التحية، بل سار في طريق أخرى لا توصله الى بيته، انتبه أبو سالم لذلك....و(لعب الفار في عبّه) حكّ أنفه وكأنه يستعيد وعيه، تساءل بينه وبين نفسه عمّا يريده هذا الفتى؟ هل هو غرور الشباب المبكّر؟ أم هو يتعالى على الآخرين؟ لا...لا يمكن ذلك فهو لا يترك مناسبة في القرية إلّا يشارك فيها، بغضّ النّظر إن كانت فرحا أم ترحا...لكنه يتعالى عليّ أنا، فهل هو متأثر بأحاديث الكبار...أعلم أنّهم لا يذكرونني بالخير، لكنّهم (عندما تناطح العين العين) يرحبّون بي، ويجالسونني، بل ويتملقونني، وهذا الفتى يبدو أنّه مخلوق من طينة أخرى، يختلف عن أقرانه الآخرين، فالآخرون عندما يرونني يطأطئون رؤوسهم احتراما وهم يطرحون التحيّة عليّ، بل ويصافحونني باحترام شديد، إلّا هذا الأكتع فإنه يتخذ منّي موقفا معاديا، فهل يرى نفسه أفضل من الآخرين خصوصا بعد سفره الى بلاد الانجليز، فقد عاد إلينا بيد اصطناعية، وبملابس جديدة فاخرة، ومن يومها ظهرت النّعمة على والده وأسرته، وهو يجالس الكبار والصغار، بمن فيهم الأساتذة، وأصبح النّاس يطلقون عليه لقب أستاذ، مع أنّه ليس أستاذا...صحيح أنّه أكمل المدرسة، وصحيح أنّني سمعت أنّه يدرس في كليّة بير زيت، لكنّه لم يكن يوما أستاذا ولم يُعلّم تلميذا....فليذهب الى الجحيم.
مشاركات المستخدمين