كتاب" الفقير السّخيّ والغني البخيل " ، تأليف : عبد القادر بالو ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
عَبْدُ الرَّؤُوفِ رَجُلٌ عُرِفَ بَيْنَ أَهْلِ قَرْيَتِهِ بِوَرَعِهِ ، وَحُسْنِ خُلُقِهِ وَكَرَمِهِ رُغْمَ فَقْرِهِ ، فَكَانَ يُؤْثِرُ الْفُقَرَاءَ والْمَسَاكِينَ عَلَى نَفْسِهِ فَيُطْعِمُهُمْ بِمَا يَقْدِرُ ، وَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَحْيَانِ يَهَبُ قُوتَ يَوْمِهِ وَيَبِيتُ عَلَى الطَّوَى .
فِي أَحَدِ الأيَّامِ اضْطَرَّتْهُ ظُرُوفُهُ إِلَى السَّفَرَ ، فَأَعَدَّتْ لَهُ زَوْجَتُهُ الزَّادَ ، فَرَكِبَ حِمَارَهُ وَقَالَ : سبْحانَ الذي سخَّرَ لَنَا هذا وما كنَّا له مُقرنينَ، وَإِنَّا إِلى ربِّنَا لمُنقَلِبُونَ . اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ في سَفَرِنَا هذا البرَّ والتَّقوى ، ومِنَ العَمَلِ ما تَرْضى . اللَّهُمَّ هَوِّنْ علَيْنا سفَرَنَا هذا وَاطْوِ عنَّا بُعْدَهُ ، اللَّهُمَّ أَنتَ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ ، وَالخَلِيفَةُ في الأهْلِ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وعْثَاءِ السَّفَرِ ، وكآبةِ المنظَرِ وَسُوءِ المنْقلَبِ في المالِ وَالأَهْلِ .
سَارَ عَبْدُ الرَّؤُوفِ بِحِمَارِهِ ، وَبَعْدَمَا قَطَعَ عَشْرَةَ أَمْيَالٍ جَلَسَ تَحْتَ شَجَرَةٍ لِيَسْتَرِيحَ ، وَيَسْتَرِيحَ حِمَارُهُ ، وَبَيْنَمَا هُوَ مُمَدَّدٌ تَحْتَ الشَّجَرَةِ بَدَا لَهُ الْحِمَارُ مُتْعَبًا . جِدَّا ، فَمَكَثَ مُدَّةً طَوِيلَةً فِي مَكَانِهِ لِيَسْتَرِيحَ الْحِمَارُ جَيِّدًا ، وَلَكِنَّ أَعْرَاضَ التَّعَبِ لَمْ تَخْتَفِ فِي الحِمَارِ، فَأَيْقَنَ بِأَنَّهُ مَرِيضٌ ، فَعَزَمَ عَلَى مُوَاصَلَةِ الْسَّفَرِ مَاشِيًا عَلَى قَدَمَيْهِ ، بَقِيَّةَ الْمَسَافَةِ ، وَلَكِنَّ الْحِمَارَ لَمْ يَصْمُدْ كَثِيرًا ، وَمَاتَ .
مشاركات المستخدمين