أنت هنا

$9.99
المجانين

المجانين

المؤلف:

0
لا توجد اصوات

تاريخ النشر:

2012

isbn:

978-9953-71-835-4
مكتبتكم متوفرة أيضا للقراءة على حاسوبكم الشخصي في قسم "مكتبتي".
الرجاء حمل التطبيق المجاني الملائم لجهازك من القائمة التالية قبل تحميل الكتاب:
Iphone, Ipad, Ipod
Devices that use android operating system

نظرة عامة

كتاب " المجانين " ، تأليف عامر حسين ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
قبل ساعات فقط كانت السماء تنبئ بيوم دافئ، وها هي الغيوم تتشكل في الأعالي لتحجب الشمس وتفسد أمزجة الناس، لا سيما الذين خططوا للقيام برحلة. إلّا أن صاحبنا، الذي سأتحدث عنه، لم يكترث لما يجري في السماء من تبدلات، حتى أنه كثيراً ما قال: "ليس هناك طقس سيئ، إنما هناك ملابس سيئة". وكان يقصد أن المرء يستطيع الخروج إلى أي مكان، ومتى يشاء، ويجد في ذلك متعة، شريطة أن يرتدي ملابس تتلاءم مع الطقس. هو في الثامنة والأربعين من عمره. ذو صدر مرتفع وخاصرة لم تنتفخ بعد. وجهه هادئ في أغلب الأحيان، عيناه نرجسيتان تبدوان قاسيتين حادتين عندما يشرد بذهنه، وديعتين ناعستين حين يعود إلى رشده. شعره متموّج أصفر اللون، يرتفع قليلاً فوق شحمتي أذنيه. يبرز من تحت الشعر زلفان بعرض إصبعين، يمتدان على طول خديه. يبدو أنه لا يزال يتمسّك بقصّة الشعر هذه، وبطول الزالفين منذ أن شاعت مودتهما في سبعينات القرن الماضي، قبل عقدين من الزمان. هذا الرجل يعيش في بيت قديم منعزل بعض الشيء عن البيوت الأخرى. حيث تحيطه أرض واسعة بُني عليها، في زمن مضى، مساكن استحالت إلى أنقاض ولم يشيّد مكانها بناء جديد. للبيت صالون كبير يتوسطه موقد نار. كان موقد النار يرتفع عن الأرض ثلاثة أرباع المتر، وكان مبنياً من الصخر. شكله مربع، كل ضلع له يزيد على متر تقريباً. في أعلاه وعلى ارتفاع مناسب تدلت مظلة غطّت كامل محيط الموقد. يتوسط المظلة أنبوب معدني يخترق السقف لتصريف الدخان. وكانت المظلة متدلية بواسطة سلاسل من الحديد. وأما السقف فكان قائماً على أعمدة من الخشب الغليظ الأحمر. يبدو أن البيت كله قائم على مثل هذه الأعمدة. فهي تتخلل الحيطان بين الطابوق لتشده بعضه إلى بعض، أو تمتد مستقيمة أو قائمة فتشكل الهيكل العام للبناء. هو بناء قديم بلا شك. إن عمره لا يقل عن مائة وخمسين عاماً. يصلح أن يكون متحفاً أو شيئاً من هذا القبيل. كان صاحبنا يفضل هذا المسكن على الشقق الحديثة. فهو يحس هنا براحة ذات طعم عذب لم يشعر بمثلها في أي مكان نزل به من قبل. أما أثاثه، فقليل إلّا ما لا غنى له عنه. وهو قديم قِدم البيت، ويتوافق معه كل التوافق إلى درجة أنه لو استبدل الأثاث بغيره لطغى على المكان عدم التناسق والنشاز الذي تنفر منه النفس. والبيت يضم غرفتين واسعتين إحداهما امتلأت بكل ما لا يحتاج إليه المرء من حاجات. ويبدو أن أغلب ما فيها ملك لصاحب البيت الذي لم يمانع لو ألقى بها النزيل في حاوية القمامة. وأما الغرفة الأخرى، فهي للنوم رغم أن النزيل لم ينم فيها ليلة واحدة. حيث كان ينام على الكنبة قرب الموقد. والغرفة مزودة بسرير وخزانة يضع النزيل فيها ملابسه. أما أرض الغرفة فمغطاة بسجادة سميكة، تحتها باب خشبي يؤدي إلى قبوٍ واسع عبر سلّم طويل. بلا شك إن هذا القبو استخدم في يوم ما كمخزن للمؤونة أو لتعتيق النبيذ. كان شكله غريباً، يكاد لا يوجد له مثيل بين أقبية البيوت الحديثة.