كتاب" سلسلة المطالعة والتعبير " ، تأليف : عبد القادر بالو ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
شَعْبَانُ رَجُلٌ غَنِيٌّ يَْلِكُ مَصْنَعًا للْمَشُْوبَاتِ الْغَازِيَّةِ ، كَانَ قَلِيلاً مَا يَسِيرُ عَلَ قَدَمَيْهِ فِ الْمَدِينَةِ ، وعِنْدَمَا يُسْاَلُ عَنْ السَّبَبِ يَقُولُ فِ كِبِْيَاءٍ : أنَا لا أُطِيقُ أَنْ أمْشَِ عَلَ الطُّرُقَاتِ الَّتِي يَْشِ عَلَيْهَا الْفُقَرَاءُ ..، وكَانَ أصْدِقَاؤُهُ كَثِيرًا مَا يَنْصَحَونَهُ بِالتَّوَاضُعِ ، ولَكِنَّهُ لا يَقْبَلُ النَّصِيحَةَ وأَحْيَانًا يَرُدُّ عَلَيْهِمْ بِوَقَاحَةٍ ، ويَجْرَحُ مَشَاعِرَهُم بِكَلامٍ قَاسٍ ، مِمَّ جَعَلَهُ يَفْقِدُ الْكَثِيرَ مِنْهُم ، ولَمْ يَبْقَ معَهُ إلاَّ ذَوُو الْمَصَالِحِ فِ أَحَدِ الْيَّامِ ، خَرَجَ شَعْبَانُ مِنْ مَصْنَعِهِ ، وعَزَمَ عَى الْقِيَامِ بِجَوْلَةٍ عَىَ قَدَمَيْهِ فِ الْمَدِينَةِ فسَارَ بَنَْ النَّاسِ مُخْتَالاً ، يَنْظُرُ يَِينًا وشِاَلا وَمَلامِحُ الاشْمِئْزَازِ بَادِيَةٌ عَىَ وَجْهِهِ ، فلَمَحَ فَقِ راً مَشْلُولا
، ومَكْفُوفًا جَالِسًا قُرْبَ أَحَدِ الْبُيُوتِ ، مُسْنِدًا ظَهْرَهُ عَى الْجِدَارِ ، ويَقُولُ : يَا اللهُ لَكَ الْحَمْدُ ، يَا اللهُ لَكَ الحَمْدُ .. فَدَنَا شَعْبَانُ مِنْهُ وقَالَ لَهُ مُبْتَسِاً ابْتِسَامَةَ سُخْرِيَةٍ : وَأَيْنَ النِّعْمَةُ تَحْمَدُ اللَّهَ عَلَيْهَا يَا
هَذَا ؟ فقَالَ الْفَقِ رُ : أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي رَزَقَنِي قَلْبًا خَاشِعًا ، ولِسَانًا ذَاكِراً ، وبَدَنًا عَىَ الْبَ اءِ صَابِراً قَامَ شَعْبَانُ ومَىَ بِخُطُوَاتٍ مُتَثَاقِلَةٍ ، ثُمَ رَجَعَ إِلَ الْفَقِ رِ ، وجَلَسَ عَىَ رُكْبَتَيْهِ ثمَّ نَظَرَ إلَيْهِ ، وعَيْنَاهُ تَسْبَحَانِ فِ الدَّمْعِ ، وَقَالَ لَهُ : لَسْتَ أَنْتَ المُعَوَّقُ يَا أَخِي ، وإنََّا أَنَا المُعَوَّقُ ، اسْأَلِ اللهَ تَعَالَ أَنْ
يَهْدِيَنِي .
مشاركات المستخدمين