أنت هنا

قراءة كتاب النظرية السياسية بين التجريد والممارسة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
النظرية السياسية بين التجريد والممارسة

النظرية السياسية بين التجريد والممارسة

كتاب "النظرية السياسية بين التجريد والممارسة، للكاتب والمؤلف د.إبراهيم أبراش، كما يقول في مقدمته: "لا بد من الاعتراف بأن عملنا هذا هو محاولة لمقاربة موضوع النظرية السياسية، سواء على مستوى الجانب المفاهيمي أو على مستوى الممارسة في ظل عالم باتت تحكمه المصالح

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار الجندي
الصفحة رقم: 1
المقدمة
 
النظرية السياسية من المواضيع الرئيسة في علم السياسة، واعتمادها كمجال معرفي ومادة للتدريس اعتراف بمرحلة النضج التي وصل إليها الفكر السياسي وعلم السياسة بشكل عام، فأن تُهيكل الأفكار السياسية في إطار نظريات علمية، معناه أن السياسة لم تعد مجرد أفكار ومقولات عامة بعيدة عن الواقع، بل أصبح من الممكن ضبط وتقنين الشأن السياسي ليصبح علماً مثل العلوم الأخرى. ومن هنا ليس عبثاً أن يدخل لفظ النظرية في المجال السياسي، وهو لفظ مستمد أصلاً من العلوم الحقة التي وصلت إلى درجة من الدقة والضبط جعل من الممكن ضبط مقولاتها في إطار نظريات علمية قابلة للتعميم، وتكون هادياً للباحث في تلك العلوم.
 
لا غرو إن كان اعتماد مفهوم النظرية والقوانين السياسية، إضافة إلى توظيف أدوات البحث العلمي ومناهجه في المجال الاجتماعي، محاولة من الباحثين الاجتماعيين والسياسيين للوصول بالمعرفة الاجتماعية والسياسية إلى درجة من الدقة والموضوعية شبيهة بالحالة التي عليها العلوم الحقة. ومع ذلك، وعلى الرغم من الجهود الشاقة التي بذلها العلماء الاجتماعيون والسياسيون في هذا المجال، إلا أن بعض العلماء ما زال يشكك في علمية المعرفة الاجتماعية بما في ذلك النظريات والقوانين الاجتماعية والسياسية، حتى عندما سئل الفيلسوف الفرنسي ليفي شتراوس Claude Lévi - Strauss: هل هناك علوم اجتماعية؟ أجاب: لدي شك في ذلك. وشكّه ينبع من إدراكه أن الظواهر الاجتماعية تختلف عن الظواهر الطبيعية، فإذا كانت الأولى قابلة للملاحظة والضبط والتجريب، فإن الثانية على درجة كبيرة من التعقيد وعدم الثبات والتحول من حال إلى حال، فالظاهرة الاجتماعية يتداخل في تشكلها مؤثرات سسيولوجية ونفسية ودينية واقتصادية وعاطفية، ما يجعل حصر مكوناتها وإخضاعها للتجربة أمراً شاقاً، وهذا الأمر يجعل من المخاطرة وبمثابة مغامرة علمية، صياغة نظريات وقوانين بعيدة المدى تزعم القدرة على فهم وتفسير الظواهر الاجتماعية بشكل مُرض، ومن هنا فإن الباحثين يتعاملون بحذر مع النظريات الاجتماعية والسياسية وخصوصاً بعيدة المدى وشمولية التحليل.
 
إن قولنا المشار إليه أعلاه لا ينفي الجدوى عن النظريات الاجتماعية، ولكن المقصود أنه في مجال التنظير الاجتماعي والسياسي يجب ألا يتبادر إلى الذهن أن عملية التنظير في هذا المجال تغني الباحث عن المقاربات الميدانية والتجريبية، أو أن النظريات السياسية تعبير صادق عن الواقع، فما بين الواقع والنظريات فجوة كبيرة والعلماء يلهثون دوماً لصياغة نظريات يمكنها أن تواكب الواقع، فالنظريات وحتى التي تزعم أنها علمية وموضوعية لا تتطابق دوماً مع الواقع، ولنا في واقع الحياة السياسية اليوم خير دليل على ذلك، فلا توجد أية نظرية سياسية قادرة لوحدها على تفسير وفهم ما يجري في السياسة الدولية، والفهم والتفسير من أهم أهداف النظرية السياسية.

الصفحات