أنت هنا

قراءة كتاب هواجس أسير

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
هواجس أسير

هواجس أسير

كتاب "هواجس أسير" للكاتب الأسير كفاح طافش، يعد نموذجا فريدًا وجديدًا لأدب السجون، حيث أنه استطاع تحطيم كل المحرمات "والتابوهات" التي يخطر الحديث عنها في أدب الحركة الأسيرة الفلسطينية، ولذلك فهو إصدار يستحق القراءة والتحليل , 

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار الجندي
الصفحة رقم: 5
عادة يكون أيّ نقاش يدور بين أي أسيرين هو بالمجمل اهتمامات عامة ومنها خاصة، لكن، إنْ بحثت جيدًا بين ثنايا هذا الحديث ستجد ضالتنا "الحرية" كامنة في كل تفاصيله إن لم تكن هي محرضته ومحركته الأبدية. مع هذا، علينا أن نعيد ترتيب ذواتنا بحيث نحذف هذه الكلمة من أيّ حوار يومي، فهي بالأمل ومقيتة في انتظارها، تود لو أنك تحمل ريشة لتعيد رسم الحكاية من بدايتها حتى نهايتها التي لم تحن بعدُ، فقط من أجل استبانة حقيقة هذه الكلمة. لذلك، تهرع بالسؤال لأيّ أسير له تجربته بالاعتقال مسبقًا...
 
- ماذا شعرت عند خروجك من السجن؟
 
- يعني قصدك الحرية شو شعورها؟
 
- نعم بالضبط...
 
يتأخر جوابه باحثًا في ثنايا ذاكرته عن ذاك الشعور. أخاف جدًا! ترتعش كلّ أنحاء الحياة في جسدي، هل  أمعقول أن حلمًا كهذا تضيعه آخر حافة التجأت إليها بعد أن غرر بي البقاء هنا؛ لا يعقل أن يتحول حلمي إلى ذاكرة عابرة... أحتاج إلى وقت طويل لأعيد ترتيبها جملاً محاولاً ستر العيوب العالقة ببراءة الحلم. إن كلّ مَنْ وجّهت لهم هذا السؤال تصرفوا التصرف نفسه، حيرة وصمتًا حتى يأتي الغيم ليعيد فتح أبواب الأمل، كفلاح استبشر خيرًا، يرتدّ إلى أعقابه خائبًا، شحّ الغيث وكأن الغيوم تداعب شهوتي في الانتظار.
 
- والله رجعتني لتلك اللحظة، فعلاً لحظة لا توصف...!
 
أيّ حلم هذا الذي لا يوصف؟ أرفع الاستفهام ليختاط لي سؤال يضربني كعاصفة هوجاء، أذهب بعيدًا خلف خلفي لا أجد غير سؤال آخر، كأن هذه اللحظة باتت بين فريسة تهرول باحثة عن الأمان من مفترس قرر استيضاح حقائق الأمور؛ شمس تطوي شعاعها رسائل أبدية لوجود عابر، تمر عليك السنوات وأنت ترتب حلمك بلطف وأناة، أعيد فتح شهيتي للسؤال عند كل تأمل، لا، لن يكون غير هذا الواقف أمامي بكل حقائقه، لذلك، أعتقد أحيانًا أن الحرية هي المؤجل دائمًا، وشعور للترف أحيانًا أخرى.
 
يطرأ عليك هاجس الحرية في كل لحظة تقرر حزم متاع الذاكرة والذهاب في رحلة لم تعد تتحكم بنمط سيرها... تأتيك حلمًا في ليلة لا تختارها، تعيدك حيث أنت هم لا غيرهم بين ثنايا الحكاية، تعزلك بعيدًا خلف الواقع المؤلم في كل مرة تعود تعبًا مرهقًا لاهثًا من هذه الرحلة، ما يفتك بك سؤال واحد لا غير "الحرية"؟، خوفك المجهول الذي يقودك إلى المجهول غيره تعلمه علم اليقين أنْ نحن الآن في السجن... تغادر إليه تكتشف أن عوالمك هي ذاتها، قد تختلف التفاصيل لكن فراغك واحد، تعده لا بل يعد لك دائمًا فراغًا جاهزًا تحشره بكل تفاصيل سؤالك المجهول، إذًا، هي كلمة بحجم أكبر الكتب وأعظمها قدرًا، تقدر أحيانًا على استباحته لتعالج هدوءك وصمتك هنا.

الصفحات