كتاب "حماية الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة" يتحدث حول موضوع حماية الصحفيين ومقرات الصحافة أثناء النزاعات المسلحة، هو من المواضيع التي تستحق البحث والاهتمام، بغية توجيه الأنظار إلى ضرورة وضع آليات قانونية أكثر فاعلية لحماية هؤلاء الصحفيين ومقراتهم الصحفية أ
أنت هنا
قراءة كتاب حماية الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
بسم الله الرحمن الرحيم
مقـدمـة
الحمد لله رب العالمين، ناصر الموحدين، وملاذ المستضعفين، وجاعلهم فوق من عاداهم الى يوم الدين .
والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، وشفيعنا عند الله يوم الدين، النبي الأمي الأمين سيدنا محمد بن عبدالله، آخر النبيين والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
تتوالى في هذه الأيام أحداث جسام، وحروب عظيمة، استُخدم فيها أبشع ما أنتجه الفكر البشري من وسائل إبادة ودمار، فوجهت هذه التكنولوجيا الشريرة إلى صدور الآمنين، لا تفرق بين طفل وشيخ، ولا بين امرأة ورضيعها، فكانت النتيجة سقوط عشرات الآلاف من هؤلاء الضحايا كما تتساقط أوراق الخريف .
ان ضحايا النزاعات المسلحة التي دارت وتدور في أرجاءٍ مختلفة من عالمنا هذا، هي غالبا ما تكون من الفئات غير المشاركة في هذه النزاعات، والتي أوجب القانون الدولي الإنساني حمايتها أثناء النزاعات المسلحة، فلم يسجل التاريخ المعاصر حرباً لم تكن غالبية ضحاياها من الفئات غير المشاركة فيها، ولم نسمع بأن حرباً دارت دون أن يكون العدد الأكبر من القتلى هم من الفئات المحمية بموجب أحكام القانون الدولي الإنساني.
ولعل أهم فئة تتصدر الضحايا المتضررة من النزاعات المسلحة هي فئة المدنيين، التي دائما ما يكون لها النصيب الأكبر من الخسائر في الأرواح . وان الناظر في أسباب نشوب النزاعات المسلحة المعاصرة لا يجد – في الغالب - سندا قانونيا يدعم شن هذه الحروب، مما يضفي عليها صفة الحرب العدائية التي حرمتها المواثيق الدولية، وحرمت كذلك مجرد التهديد بشنها، وقد كُرِّس هذا المبدأ في المادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة والتي نصت على ما يلي : " يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق مع مقاصد الأمم المتحدة " .
إن المطامع السياسية والاقتصادية، وحب الهيمنة وإقصاء الآخرين، أصبحت من الملامح الرئيسة التي تهدد الإنسانية وخصوصاً في منطقة الشر ق الأوسط .
وبسبب هذه الأطماع، أصبح العالم يبتعد أكثر فأكثر عن تحقيق السلام المنشود، وعن تخفيف ويلات الحروب التي تلحق بضحايا النزاعات المسلحة، بدلاً من أن يكون هذا العالم أكثر تحضراً، وأكثر التزاماً بتطبيق أحكام القانون الدولي الإنساني، في وقت تدعي فيه القوى المهيمنة على العالم بأنها تسعى لجعل العالم أكثر أمنا وسلاما، على الرغم من تسببها المباشر في معاناة الملايين من الآمنين نتيجة تعنتها وإصرارها على الخروج عن أحكام الشرعية الدولية.
إن الأحداث التي يشهدها العالم، قد أكدت وبشكل قاطع عدم التزام أطراف النزاع بالقوانين الدولية التي تحكم خوض الحرب، أو تلك التي تضفي الحماية القانونية الدولية على فئات معينة من غير المشاركين في هذه الحرب، بحيث تم تسجيل خروقات قاسية لا تدع مجالا للشك بأنها ارتكبت عمداً مع سبق الإصرار .
إزاء ذلك، كان لا بد من مساءلة أطراف النزاع عن هذه الإنتهاكات، بحيث تقيد هذه المساءلة أطراف النزاع ولا تترك لهم الحبل على الغارب في قتل من يشاؤون من البشر دون أن تكون هناك مسؤولية على أعمالهم تلك.
لذلك فقد أخرج المجتمع الدولي إلى الوجود فكرة المحكمة الجنائية الدولية، والتي يتم من خلالها مساءلة الأفراد المسؤولين مساءلة جنائية عما يرتكبونه من انتهاكات لأحكام القانون الدولي الإنساني أثناء النزاع المسلح، وذلك في حالة ثبوت قيامهم أو ثبوت مسؤوليتهم عن هذه الانتهاكات، وذلك في محاولةٍ من المجتمع الدولي للتخفيف من ويلات الحروب أكبر قدرٍ ممكن، وحماية الفئات غير المشاركة فيها من أية انتهاكات قد توجه ضدهم في خضم هذه الحروب، والتي أصبحت لا تفرق بين مقاتلٍ وغير مقاتل، ولا بين هدفٍ عسكريٍ وهدفٍ مدني.
وفي غمرة هذه الأحداث تبرز من بين الفئات المحمية، وتحديداً من فئة المدنيين، طائفة تسعى دائما إلى تغطية أحداث النزاع المسلح، ونقل ما يحدث في ساحاتها إلى العالم الذي يهتم بالتواصل مع هذه الحروب أولا ً بأول، إنهم طائفة (الصحفيين) الذين أضفى عليهم القانون الدولي الإنساني صفة المدنيين، رغم الاختلاف الجوهري بين الصحفي والمدني تجاه النزاع المسلح، حيث إن الأول يزج بنفسه في ساحة المعركة بحثا ًعن الخبر، بينما يسعى الثاني إلى الهروب من ساحة المعركة بحثاً عن النجاة .