أنت هنا

قراءة كتاب الإباضية نشأتها وعقائدها

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإباضية نشأتها وعقائدها

الإباضية نشأتها وعقائدها

كتاب "الإباضية نشأتها وعقائدها"، فرقة «الأباضية»، والتي يُجمع المؤرخون على أنها إحدى فِرَق الخوارج، ولكن الأباضية يعتبرون أنفسهم ليسوا بخوارج، وإنما هم فرقة مستقلة، مما كان دافعاً لي في الكتابة، في هذه الفرقة نشأتها وعقائدها، ليظهر لنا مدى التوافق والاختلاف

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5
ثم جاء من بعد عصرهم - رضوان الله تعالى عليهم - قوم استغلوا أحياناً اختلاف الصحابة في بعض المسائل واتخذوا من هذا الخلاف سبيلاً يسلكونه إلى تفريق كلمة هذه الأمة، وراحوا يلتمسون لبعض وجهات النظر أدلة لم يقتنع بها الذين خالفوا هذا الاتجاه في العصر السابق، بل لعل الذين كانوا يرون هذا الاتجاه قد عدلوا عنه ولم يبقَوا متمسكين به، إما اقتناعاً بما استدل به من خالفهم، وإما إبقاء على وحدة الأمة واستمساكها بالإيلاف الذي امتنّ الله تعالى به عليهم، إذا لم يكن في أحد الرأيين ما يخالف نصاً من كتاب أو سنّة صريحة، وهم بذلك يضربون أبرع المثل لفناء الفرد في الجماعة الصالحة(10).
 
فالصحابة - رضوان الله عليهم - لم يحدث منهم أن أحداً سأل رسول الله ﷺ عن شيء لم يتكلم فيه، وما حدث أن اختلف واحد منهم في مجلس رسول الله ﷺ في فهم آية من كتاب الله تعالى، وفي هذا المعنى يقول المقريزي في خططه: «من أمعن النظر في دواوين الحديث النبوي، ووقف على الآثار السلفية، علم أنه لم يَرِد قط من طريق صحيح ولا سقيم عن أحد من الصحابة  على اختلاف طبقاتهم، وكثرة عددهم أنهم سألوا رسول الله ﷺ عن معنى شيء مما وصف الرب سبحانه به نفسه الكريمة في القرآن الكريم، أو على لسان نبيه محمد ﷺ بل كلهم فهموا معنى ذلك، فأثبتوا بلا تشبيه، ونزهوا بلا تعطيل»(11).
 
وهذا النص - وغيره من النصوص التي تُظهر عدم اختلاف الصحابة - وإن أكد على خلو هذا العصر من الخلاف، فإنما يعني الخلاف في أصول العقيدة، ولكن لا يمنع من الاختلاف الناشئ عن الاجتهاد، واختلاف وجهات النظر، التي كانت تحسم في وقتها، ويعود الجميع إلى الوفاق، فهذه الخلافات كانت تهدف إلى توطيد الشريعة، وإقامة مراسم الدين، وقد جرت ضمن منهج الإسلام في إباحة الاجتهاد، واستعمال العقل، حيث رفع الإسلام من شأن العقل، وحث المسلمين على استعمال عقولهم، ومدح أولي الألباب، وذم الذين يهملون عقولهم. ولم تذكر كتب المقالات خلافاً عقدياً وقع بين الصحابة بعضهم البعض، وإن كانت قد وقعت بعض الخلافات الاجتهادية، فقد كان الغرض منها إقامة حكم الله بين الناس.
 
ونستطيع أن نقسِّم لك - بعد الذي أسلفناه - الاختلاف الحاصل في المسائل الاجتهادية بين الصحابة  إلى قسمين: 
 
القسم الأول: الاختلاف في مسائل لم تَصِر فيما بعد من شعار جماعة من أهل الفِرَق. 
 
والقسم الثاني: الاختلاف في مسائل اجتهادية أيضاً، اتخذها قوم من بعدهم تُكَأَةً إما للطعن في بعض الصحابة، وإما جعلوها أساساً لنحلتهم، أو استدلوا بها في مسألة من مسائلهم التي اتخذوها شعاراً لهم(12).
 
والآن إليك هذا الاختلاف من النوعين:
 
الخلاف الأول: أثناء مرضه ﷺ : 
 
روى الإمام البخاري بإسناده عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لما اشتد بالنبي ﷺ مرضه الذي مات فيه، قال : «ائتوني بدواة وقرطاس، أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي» فاختلف من حوله: هل يجيئون بقرطاس ليملي عليهم الرسول ﷺ ، أم يكتفون بما علموه من كتاب الله وسنّة رسوله؟ فقال عمر بن الخطاب  : «إن رسول الله ﷺ قد غلبه الوجع، حسبنا كتاب الله»، وكثر اللغط في ذلك، حتى قال النبي ﷺ : «قوموا عني لا ينبغي عندي التنازع» قال ابن عباس - راوي الحديث - : الرزية كل الرزية، ما حال بيننا وبين كتاب رسول الله ﷺ (13).

الصفحات