كتاب "الجمهورية - الميدنة الفاضلة"؛ زخر العصر اليوناني بعدد من الفلاسفة الذين أثروا الفلسفة بأفكار جديدة، وأطروحات رائجة، كسقراط وأفلاطون وأرسطو، وممن نال شهرة كبيرة أفلاطون: أنبغ نوابغ الفكر، وأشهر الحكماء؛ فكانت أكاديميته واحدة من أربع مدارس تركت أعظم ا
أنت هنا
قراءة كتاب الجمهورية - المدينة الفاضلة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
كانت كتب أفلاطون هي وحدها - من بين كتب الفلاسفة القدماء - التي بقيت كلها(2) وكانت مؤلفاته تتمثل في محاورات كـ «مينون» و «الجمهورية» و «المأدبة»، وتجري - في الغالب - على لسان سقراط؛ وذلك بسبب الظروف التاريخية التي كان يعيش فيها أفلاطون في ذلك الوقت من موت سقراط وسطوة السفسطة على الفلسفة، فحمل أفلاطون لواء الثورة على الثقافة السائدة بعد سقراط، وهاجم السفسطائيين في أشخاص أولئك الذين عاصروا سقراط، فكانت المحاورات تهدف إلى الدفاع عن سقراط وتبرير معارضته لأهل زمانه كالسفسطائيين، والرد على المدارس الفكرية المخالفة(3).
وكانت هذه المحاورات تعتمد على الحوار في مكان معين وزمان معين، وتدور بين سقراط وبين شخصيات معروفة يرسمها أفلاطون في صورة حية، وقد اعتمد على طريقة الحوار لأنه يرى - كما يرى أستاذه - أن الحوار والمنهج الجدلي هو طريق اكتشاف الحقيقة(4)، وكانت هذه المحاورات تُقرأ بصوت عالٍ ولا يتم تمثيلها، وكان السامعون يجدون فيها لذة؛ ذلك لأنها ضربٌ من المأساة الفكرية تجسد فيها الصراع بين الشخصيات وبين الأفكار؛ لذلك هي تحتاج إلى حكام عدول يفصلون في القضايا الفكرية.
وترجع براعة أفلاطون إلى أنه أشرك القارئ أو السامع معه في هذه المحاورات، فالجمهور ركنٌ هامٌ فيها؛ لأنه يفكر مع كاتبها الذي ترك الأفكار - في معظم المحاورات - تجري دون أن تصل إلى نتيجة؛ حتى يتيح للقارئ أن يُفكر بنفسه ويخرج بنتيجة يرتضيها ويطمئن إليها(5).
أثر أفلاطون في الفكر العربي الإسلامي
لقد أثرت فكرة «الجمهورية» أو «المدينة الفاضلة» في الفكر العربي الإسلامي، وأول من كتب في هذا الموضوع أبو نصر الفارابي، إلا أنه وظف المفهوم الأفلاطوني في سياق إسلامي بحت، قدم له في كتابه «آراء أهل المدينة الفاضلة» بمقدمات كلامية مستفيضة، وميز المدينة الفاضلة عن المدينة الفاسقة والمدينة الضالة والمدينة الجاهلة والمدينة المعتزلة متأثراً بالتوجهات الإسلامية، وتبعه في النهج نفسه ابن باجة الأندلسي في كتابه «تدبير المتوحد»، وظلت المؤلفات السياسية الفلسفية بمنأىً عن التأثير المباشر في المجتمعات الإسلامية التي أفرزت دولاً قائمة على العصبية القبلية والدين كما فصلها ابن خلدون فيما بعد(6).
ولم يقتصر تأثير أفلاطون في الفكر الإنساني على الفلسفة، بل تجاوزها إلى مجال الأدب والفن، فالمعروف أن أفلاطون بدأ حياته شاعراً ثم تخلى عن كتابة الشعر، ورأى أن الفن عامة هو محاكاة وتقليد، يبتعد عن المُثُل مرتين، مرة حين يقلد الأشياء المادية ومرة حين يعرف أن هذه الأشياء ليست سوى أشباح زائلة للمثال الأصلي.