أنت هنا

قراءة كتاب بيجامة حمراء بدانتيلا بيضاء

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بيجامة حمراء بدانتيلا بيضاء

بيجامة حمراء بدانتيلا بيضاء

"بيجامة حمراء بدانتيلا بيضاء" مجموعة قصصية للكاتب العراقي نزار عبد الستار، صادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر؛ ينحو فيها إلى أسلوب مجازي لا يخلو من فانتازيا تميل إلى الواقعية المباشرة.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 4
قلتُ له، وأنا اشعر بالعار:
 
- السعدون الاصلي سرقه اللصوص ليحصلوا على مادة البرونز·
 
نظر في وجهي وقد طعنته الخيبة:
 
- أنت لم تمنعهم، فكيف ستعثر لي على نردين؟·
 
في العاشرة من صباح يومه السادس معي استيقظ الهولندي ليجد سوزان تسير في الشقة ببلوزة نمرية ضيقة وبنطلون فيزون، وهي على أبهى إغراء يمكن ان يتمناه الخيال التناسلي الذكري·
 
كانت سوزان طيف سكريات بلورية تتحرك بالالهام· تملك جمالاً شفافاً لا يصلح معه سوى اللون الابيض· وردية الاعضاء والزوايا· ويوجد تلاصق في طرفي فمها للزوجة لعابها وهلامية شفتيها· واذا ما اطبقتْ جفنيها برمشة اعتيادية فإنها تأخذُ وقتاً حتى تفتح عينيها مجددا· أعطيتها الألف دولار، وأوصيتُها أن تمشي في الشقة، وكأن لا أحد على الأرض سواها·
 
قاومت سوزان البرد ليومين بشجاعة وكانت تتمهل كعارضة أزياء كلما أشدتُ، أمام الهولندي، بشيء فيها· وافقني على ان ثدييها بكمال قبة محطة قطار بغداد، وان مؤخرتها مثل طبل منفرد الشخصية في فرقة جسدها السيمفوني· اعطيتها العدسة المكبرة، ورحت أتغيب لساعات عن البيت، لكنني كلما عدت أجدهما في غرفة التوليب، وقد ركعا عند حافة النافذة الواطئة في منظر خاشع، وكأنهما في ابتهال·
 
كنا نقف متلاصقين، ونحن نأكل كبة سيمون الشهيرة حين قال لي الهولندي إنني أتعبتُ نفسي كثيرا، وإنه يقدر لي هذا· ترك صحنه على النصف، ووقف في الخارج يدخن ناظراً إلى ظهر تمثال السعدون المزيف· مشينا باتجاه مقهى الزيتون· كنت قد خالفتُ التعليمات وتسللت، عبر أصدقاء فاسدين، إلى كومبيوترات المديرية العامة للتموين، وأن ضابطاً كبيراً في الداخلية، يعمل في المركز الوطني للمعلومات، أبلغني بالأمس ان نردينتنا ليست من بين نردينات بغداد·
 
أمسكني الهولندي من معصمي وسألني:
 
- هل تؤمن أن نردين غير موجودة؟·
 
كان منهكا، ويتوقع ان يسوء الحظ:
 
- إنها موجودة، وسأعثرُ عليها، وسترى كيف أن التوليب سيتفتح بين يديها·
 
أعطتْنا سوزان قدراً مشجعاً من الاسترخاء· نظفتِ الجدران، والسقوف، وأزالتْ طبقات الغبار السود عن المراوح وديكورات الاضاءة، ومنحت الأرضية بريقاً مريحاً، واختارتْ لوحة لجواد سليم من بين تسع لوحاتٍ مسروقة من المتحف، احتفظُ بها في مخزن صغير، وعلقتها في غرفة الهولندي الذي سألني إن كانت اللوحة مزيفة مثل تمثال محسن السعدون، فأكدت له أنها أصلية، وأطلعته على المجموعة كلها، وأخبرته انه عُرض عليّ مبلغ نصف مليون دولار، ولكنني لم ابعها·
 
حوّلت سوزان الشرفة إلى مكان لائق، وعملت لنا مجموعة شهية من المقبلات، وأوصتنا ان نشرب الويسكي دون إضافة الصودا كي نعالج السعال الذي هدنا، ثم ذهبت إلى غرفة التوليب· كان الهولندي يشعر بالحزن، أما أنا فكنت أتخيل لحظة ان يغادرنا بانكسار، وهو يحمل زهرات التوليب معه·
 
بحتُ له بسرّ سوزان، بعد أن شربتُ كثيراً، وقلت للهولندي عنها إن جسدها حين ينطلقُ يفرز سخونة طافحة بالمتعة، وكأنها منبع مياه كبريتية حارة، وإنه إذا ما رغب في أن يكون معها في السرير، فسيشعر أنه يضاجع حورية من البحر الميت، دسمة المعادن والفوائد، وأن عليه أن يتمهل كي يستمتع بمعجزة تصاعد البخار من عضوه·
 
في نهار اليوم الثامن وصلتني إشارة حية من لارا تفيد بوجود امرأة في الأربعين تحمل اسم الأب نفسه، وهي ابنة مستثمر عراقي، ومتزوجة من إماراتي، وان عليّ أن أكون أنيقا، وواقفاً في الساعة السابعة مساء عند تمثال كهرمانة، ومعي هديةٌ غالية لطفل في الثامنة·
 
كانت حفلة عيد ميلاد مقامة في بيت فخم لا يبعدُ كثيرا عن ملعب الشعب· قدمتني لارا على أنني خطيبها· انتظرتُ ساعة ونصف قبل أن أرى نردين، وأخذتُ نصف ساعة أخرى حتى تمكنت من فتح حديث معها مستعينا بالمعلومات التي زودتني بها لارا· كانت نردين سيدة بيضاء مدورة الوجه، وطويلة القامة في امتلاء· وجدت انفها أجمل ما فيها، وحين رأيتها تضحك لم اعثر على أي شبه بينها وبين القطة· سألتها عن ابيها ومشاريعه الجديدة، وقلت لها إنني التقيت به في البحرين، قبل عامين، وكان وقتها متحمساً لمشاريع يقيمها في العراق، فقالت إنها لا تعتقد أن الأمر ممكن الآن بسبب الظروف الأمنية، وإن الأموال العراقية في الخارج ضخمة، ومن الصعب استعادتها نظراً لنموها المتزايد·
 
لم أتمكن من وضع البلوزة التي بلا أكمام، ولونها بين الأسود والحكلي في حوارنا، ولكنني نظرتُ في عمق عينيها وقلت لها:
 
- لي صديقٌ كان مغتربا في هولندا، مدة عشرين سنة، وعاد إلى بغداد يحمل ثلاث زهرات توليب ابيض·

الصفحات