رواية "القادم من القيامة"؛ عنوان ينقلك الى السماء مباشرة الى عالم الغيب، ويظهر ذلك جليا من خلال الرسم التعبيري على غلاف الرواية، حيث يقف انسان في ظل شجرة وهو ينظر الى غيمة في السماء.
أنت هنا
قراءة كتاب القادم من القيامة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
كان يلف رأسه بكوفيته حتى تتعرق ويتغير لونها، كنا نستمتع ونحن ننظر إليه عندما يشرب، كان يرفع حافة الإبريق الفخاري أعلى شاربيه، وكانت حنجرته تتحرك صعودا ونزولا مع كل شربة ماء، وكان عامدا يترك حافة الإبريق ترشق بعض الماء حتى يختلط شعر صدره الكث مع غبار الصخر والأتربة، هل تذكر عندما كان يأكل، كان يشرب اللبن، ويكتفي بالخبز والبطيخ، لقد توفي قبل أيام وقد تجاوز السبعين، كنت قد عايشته بالفعل وهو يعيش طقوس يومه العادي، سابقا، أتعرف كيف، كان يحاول الحصول على حبة تين من الشجرة التي كانت تظلل محجره، فسقط على حافة الصخرة فانفلق رأسه، هل تصدق· لم أكن أستوعب سابقا أحاديث أبي عندما كان يستعيد بذاكرته أن من ماتوا كانوا يوما أحياء وأقوياء، ويستمتعون بحياتهم، لا أدري ان كنت تشعر شعوري، أم أنك تسخر الآن مني أكثر، مهما سخرت مني وهجرت أعتقد أن الأربعين توحي إليك بما توحي إلي، فكما أن لحسراتي السابقة نهاية، فإن لضجيجك وانتقامك نهاية أيضا···
أصل الآن عتبة بيتنا، لم يتغير شيء، تقول لي أمي، من يدخل غرفتك المقرفة هذه يظن أنك ما زلت مراهقا، من هم في سنك يستعد أبناؤهم للزواج، وأنت تزعجنا بدندناتك الفارغة، لا أدري ماذا أجيب الناس، عندما يسألونني لماذا لم تتزوج، ربما يدفعك هذا الآن إلى قهقهة جنونية، وربما تعر كامل، إنني منهك الآن من مباني المدينة وثقل ذكرياتها، لا أدري ماذا كانت تفعل العجوز خلف السينما، ربما يدفعك هذا الآن إلى الصعود إلى الطابق الأعلى، في البنايات العالية التي تعيش وترمي بنفسك رأسا للمرة الأخيرة· متعب بالفعل وأريد أن أنام·· يا ريت انام·· أسمع الآن خشخشة السماعة تستعد لإطلاق طقوس صلاة الفجر، هل تشهدها هناك، وتذهب إلى الحمام لتنظف أعضاءك وتركض حتى لا تفوتك الصلاة· بالتأكيد نعم، بل وربما تبكي عيناك من خشية الله!! أتمنى فعلا أن أنام·· أتمنى فعلا أن أنام·