رواية "رب إني وضعتها أنثى" للكاتبة نردين أبو نبعة، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، تأخذك إلى شاطئ غزة المحاصرة لتحكي للقارئ من هناك وعلى لسان ثلاث أبطال يتناوبون السرد ..
أنت هنا
قراءة كتاب رب إني وضعتها أنثى
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 4
- من صغري وأنا أحلم بزيارة فلسطين· ما أذكره أنّني كنت يوميّاً أحلم بتحريرها، أقول في نفسي أخاف أن تتحرّر وأنا في المدرسة ولا أعرف!! ثمّ أعود لأجيب عن سؤالي بنفسي·· بالتأكيد سأرى الرّايات والأنوار تزيّن الشوارع عندها سأعرف بالتحرير·· الآن أضحك من نفسي وأفكاري!!
- تقاطع إلهام حديث أختها حبيبة تقول أَبيْ أَقولْ شَيْ عن حبيبة يهَبِّل:
_ في إحدى المرات وصلت هدية لحبيبة >زجاجة زيت زيتون< من زيت الشّجر المزروع في ساحات المسجد الأقصى، وعندما طلبنا منها أن تفتح الزجاجة لنأكل منها رفضت رفضًا باتًا·
قلتُ لها طَيِّبْ ما تبيّن ناكُلْ منها نِبيْ نِدْهَنْ بْها!
رفضت وحذرتنا من الاقتراب، وبعد أيّام قليلة أتت بعلب زجاجيّة صغيرة جدّاً لا يتجاوز حجمها إصبع اليد الصغيرة·· ملأت القوارير بزيت الأقصى وحجزتْ قاعة كبيرة في الحسا وقامت بعمل محاضرة عن الأقصى· وفي نهاية المحاضرة أخذت تنادي وهي تحمل قوارير الزّيت:
_ من يشتري زيت الأقصى؟ من يشتري زيت الأقصى؟ فباعت القارورة الصغيرة بألف ريال فهي ماركة مسجّلة!! جمعت مبلغًا كبيرًا جدّاً وطيَّرته فورًا إلى العائلات المقدسيّة!!
أفكّر في كلامها وأنا التي كنت أشعر بأنّني شجرة بونانزا قزمة لا تستطيل·· فلسطينيّة قد نحل قلبها وضمر ولا تجد من تستند إليه·· الآن أهدأ··· أفرح بصمت تغالبه الدموع·· أعود رشيقة وخفيفة لأنّ هناك من يسندني!! أظلّ أعيد كلماتها وكأنّها موّال أطرب لسماعه ولا أملّ!!
بنظرات ساخرة اقترب من الحافلة جنديّ مصريّ·· أدخل رأسه من النافذة، ثمّ قال كلمتين لا ثالث لهما:
- السّعوديّات يْخُشُّوا والأردنيّات يِرْجَعوا!!
كنّا أربع سعوديّات وفلسطينيّتان نحمل جوازات سفر أردنيّة·· مسّ القرح والشّوق أضلعنا· أعتقد أنّ ساعات الانتظار الطويلة على معبر رفح تشبه ساعات الانتظار على جسر اليهود كما كنت أسمع من أقاربي وصديقاتي!! حاولت أن أقفز عن الفكرة مع أنّني أتلوى ألمًا!! لكنّ ما آلمني حقًا أن ينفثوا السمّ في دمي وينفوني من جديد لا لشيء إلاّ لأنّني فلسطينيّة!!
أفِرُّ من اليهود·· إلى الوَحشة والظّلمة· أراود إخوة يوسف·· حلمي الجائع·· أصحو على وخز دبّوس صدئ·