أنت هنا

قراءة كتاب سور العرب العظيم ما هو ولماذا؟

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سور العرب العظيم ما هو ولماذا؟

سور العرب العظيم ما هو ولماذا؟

كتاب سور العرب العظيم ما هو ولماذا؟، نحن الآن تحت الحصار، حصار الإرهاب.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5
سدٌ منيعٌ
 
من سوء حظ الليبراليين العرب أنهم يقفون في وجه أكثر من عشرين نظاماً عربياً فاسداً، ويحاربون على عشرين جبهة، وليس على جبهة واحدة· في حين أن التيار الديني يحارب على جبهة واحدة فقط وهي جبهة الليبرالية والحداثة·
 
ومن سوء حظ الليبراليين العرب أن لا أحد في العالم العربي يرغب في حمايتهم وتبنيهم، بل إن الجميع يهربون منهم، ويتبرأون منهم، وكأنهم موبوءون وباء الكلاب بداء الجَرَب·
 
فلا يوجد في العالم العربي أسرة كأسرة مديشي Medici الإيطالية الغنية الحاكمة، التي رعـت وحمـت غاليلو (1564-1642) من تسلط الكنيسة وإرهابها·
 
ولا يوجد في العالم العربي أسرة كأسرة كافنديش Cavendish في دوفينشاير في بريطانيا، يحتمي في ظلها مفكرو الليبرالية العربية، كما احتمى التنويري الأوروبي الفيلسوف البريطاني توماس هوبز (1588-1679)·
 
ولا يوجد في العالم العربي مركيزة كالمركيزة الفرنسية مدام دي بومبادور التي حمت فولتير من أعداء فكره ومضطهديه، والتي أجرت راتباً لمونتسيكو وروسو· وكان في فرنسا عشرات الصالونات وعشرات الماركيزات من هذا القبيل· 
 
ما العمل؟
 
لو قرأنا تاريخ حركات التنوير الأوروبية في القرن السابع والثامن عشر، لوجدنا أن حال أوروبا في تلك الحقبة التاريخية، كانت أشبه بحال العالم العربي الآن من حيث بناء سور ديني ضخم من قبل الكنيسة في وجه الحداثة والتنوير ودعاته، ليصدَّ هجمات الليبراليين وفرسان التنوير، الذين أضاءوا العقل الأوروبي فيما بعد، وكانوا سبباً في نهضة أوروبا الحديثة·
 
فقد أحرقت إنجلترا الكتب، وشهّرت بالكتّاب المعادين للكنيسة· وفي 1723 أصدرت فرنسا قانوناً يُحرّم طبع الكتب إلا بإذن ملكي خاص· وفي 1757 صدر مرسوم فرنسي يقضي بالموت على كل من يكتب كتاباً ضد الكنيسة· وكان الكتّاب الفرنسيون يلجأون إلى نشر كتبهم في امستردام ولاهاي كما يلجأ الكتاب العرب اليوم إلى نشر كتبهم في باريس ولندن وكولون· وكان البريطانيون يعلقون على أبواب منازلهم عبارة لا يوجد لدينا فلاسفة، خوفاً من الكنيسة· وكانت كتب فولتير، وروسو، وديدرو، وهلفتيوس، ودولباخ، ولامتري وغيرهم من الكتّاب الليبراليين التنويريين في قائمة الكتب المحرّمة التي لا يُسمح بقراءتها إلا بإذن خاص من البابا نفسه (ول ديورانت، قصة الحضارة، جزء40، ص 170)·
 
فأوروبا الحديثة لم تكن نتاجاً للكنيسة، ولا للقساوسة، والرهبان· 
 
والعالم العربي الحديث، لن يكون نتاجاً للفقهاء ولكن للخبراء·
 
ُصنّاع أوروبا الحديثة هم الكتّاب والمفكرون الليبراليون الحداثيون، الذي وقفوا أمام السور الضخم والعريض والعالي الذي بنته الهيئات الكنسية، وظلوا يحفرون بأظافرهم وأسنانهم في جدران هذا السور حتى قوّضوه وأزالوه، وزرعوا في أرضه فسائل التنوير والحداثة التي كبُرت وبسقت، وأنبتت النهضة الأوروبية الحديثة·
 
ما هو المطلوب من الليبراليين؟
 
مطلوب من الليبراليين العرب أن لا ييأسوا، وأن لا يستقيلوا، وأن لا يهربوا كما هرب البعض تحت أول تهديد من الإرهابيين· ولو فعل الليبراليون الأوروبيون ذلك لظلت أوروبا تعيش حتى الآن في ظلام القرون الوسطى كما نعيش نحن الآن، رغم كل هذه الأبهة والزخارف القشرية المزيفة التي نُحيط بها حياتنا، والتي نعتبرها من الحداثة والتمدن، وهي في واقع الأمر من القُدامة المطلية بماء الذهب، وسوف تكشف عن صدأنا وصدأ رؤوسنا في المستقبل القريب، بعد أن تزول القشرة، وينكشف المستور·
 
مطلوب من الليبراليين العرب الحفر بأظفارهم في سور العرب العظيم، حتى يهدموه·
 
مطلوب من الليبراليين العرب أن يظلوا مستمرين في قرع الأبواب العالية برؤوسهم وبقوة، حتى يُستجاب لهم، وتُفتح لهم أبواب سور العرب العظيم، ولو بعد حين·
 
فاقرعوا يُفتح لكم·

الصفحات