أنت هنا

قراءة كتاب آلام ظهر حادة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
آلام ظهر حادة

آلام ظهر حادة

رواية آلام ظهر حادة، للكاتب السوداني عبد الغني كرم الله؛ الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت؛ نقرأ منها:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 10
استرقاق  هدية
 
وهي تدعك جسدها الطري، ومض لها خاطر، خرج الخاطر من خلوة الحمام، (سوف أشتري حذاء جميلاً وقوياً لحبيبي) وكأن شيئاً لم يكن، وكأنها لم تقرر إعدام كائن حي، مرهف، بل استمرت وهي مستمتعة، وببطء تدعك وتدلك جسدها العاري سوى من لذة الماء وهو يكسي جسدها الساحر بفستان شفاف من رغوته وطربه ودغدغته، تحس بكينونتها وهي تدعكه برفق، حتى يبرق بفتنة للرجل الموعود· وفجأة خطرت لها فكرة شراء حذاء (بني، مقاس 24 من محلات عباسكو بشارع الجمهورية)، من هذا الخاطر السريع الفجائي، بذرت مأساتي، تشكلت في الخيال، وآن لها أن تولد في أرض الواقع· وحين يخطر لها المشوار المقبلة عليه، لشرائي، يرتعش جسدها المبلول بصابون لوكس، تحتفي بخلوتها، ثم تخرج، تملأ الشنطة بأدوات التجميل، ستحتاج لها عقب نزولها من السيارة· الغبار والحرارة يفسدان كل شيء، لا تكترث للأغنية الهادئة المنبعثة من راديو السيارة، مشغولة بهدفها، باسترقاقي، أي لون أفضل، أحمر، أم أخضر؟ إنه يفضل البني· مرت على زهرتين، كما يمر الدخان بسحربفردتي الشمال، بلا رهبة أو رغبة، لم تشم وترى تويجاتها، إنها إهانة لذات الطبيعة، أما أوجه الشحاذين، الأوجه التي تعرض في فترينتها القلوب الميتة في فترينة الجسد، المنسية، والطفلة التي شوهتها أيدي الوقت، لم تكن تعني لها سوى أن تدس في يدها خمسة جنيهات، فقد كانت في مهمة عظيمة، وسارة، وسرية للغاية، هي شراء حذاء جديد، لحبيبها، شراء كبش فداء، لم تقم الحياة على الصراع، على قهر كائن لكائن؟ عبد جديد سيتم استرقاقه، وكأن الروح لا تجري إلا في عروق بني آدم وحدها، هذا الوجود هو كائن حي، يحس، ويتناسل، ويعشق، كفى تبلداً أيتها الأرجل المفترسة·
 
كانت تنظر لي بشغف وآنا في الفترينة، مثل أسد يلاعب فريسته قبل أن يبتلعها، وفي لمح البصر وجدت نفسي في زنزانة من كرتون، ملفوفة بصورة جميلة، إنه كفن، حتى ولو كان من حرير·· أو قصدير مزركش··

الصفحات