أنت هنا

قراءة كتاب هندسة أقل.. خرائط أقل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
هندسة أقل.. خرائط أقل

هندسة أقل.. خرائط أقل

في كتاب "هندسة اقل·· خرائط اقل"؛ ثمة كائنات بشرية لفرط سكونيتها وعاداتها وحياديتها، تبدو غير ملحوظة، غير مرئية، يعبر المرء أمامها فلا تلفت انتباهه، لا تثير فضوله بالأحرى، لا يشعر بوجودها· تبدو كما لو أنها محجبة، أو أنها تتحصن خلف قناع· وهذا الكتاب يحتوي على

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 8
لا إثم في الحلم
 
ما إن تغمض عينيك حتى تدخل عالماً من صنعك، اختراعك، وينتسب إليك وحدك· هذا العالم يسمى الحلم· عالم مأهول بالصور المتوافدة بلا انتظام، مليء بالرموز والإشارات·· فيه تتجسد المخاوف والرغبات والرؤى·
 
كل شخص، كل شيء، هو انعكاس لذاتك بعدٌ آخر لذاتك، حتى وإن انتحل أشكالاً غريبة وغامضة، تستعصي على الفهم· (كل الأشكال في الحلم هي مظاهر مجسّدة من ذات الحلم·· يقول يونج)· إنه الجانب الآخر المخفي والمحجوب، وبهذا المعنى هو أكثر حقيقية وواقعية مما نظن·
 
الحلم لا يخضع لقانون أو منطق، لا تحكمه قيود أخلاقية· إنه يقفز فوق الزمان والمكان، ويتخطى قوانين الطبيعة والعقل·· مع ذلك فليس ثمة شعور بالإثم· ليست هناك تعارضات بين الحياة والموت، الحقيقي والمتخيل، الماضي والمستقبل، الواضح والغامض· ثنائيات لا يُنظر إليها كنقائض بل كحالات متناغمة، منزوعة عنها التخوم والفواصل·
 
صور الحلم لا تتّسم بالتنظيم والتوحيد والتكثيف· لا شيء متماسكاً وجامداً· كل شيء يطفو ويتحول باستمرار· في مقدمته لمسرحيته (لعبة الحلم) يقول سترندبرغ: في الحلم أي شيء يمكن أن يحدث· كل شيء ممكن ومقبول ظاهرياً· الزمان والمكان لا يوجدان· وعلى خلفية لا تحمل مغزى أو دلالة، ينسج الخيال تصاميم وتخطيطات جديدة
 
الحلم، في التفسير الفرويدي، هو تجسيد للرغبات المكبوحة، التوترات، المخاوف الكامنة في اللاشعور والتي يرفضها العقل الواعي، وهي لا تبزغ إلا حينما يسترخي في النوم ذلك (الرقيب) الذي يحرس نطاق ما تحت الوعي· ولأن الاسترخاء ليس كاملاً فإن الرغبات والمخاوف تلجأ إلى التمويه والتنكر في شكل تخيلات تبدو بريئة وخالية من المعنى ظاهرياً· ويتحول الحلم إلى كابوس عندما تصبح الرغبة المكبوحة، من جهة نظر الوعي، مخيفة جداً ولا بد من إنكارها، وعندما تصبح قوية وفعالة جداً بحيث تشكّل تهديداً جاداً وخطيراً·
 
لغة الحلم محجبة ومبطنة، لا يمكن تأويلها إلا عن طريق البحث عما هو مستتر في المحتوى الظاهر· بنية الحلم تقوم على عمليات لا واعية، مستقلة عن التفكير العقلاني· والمادة المستقاة من الذاكرة الراهنة تعبّر عن صراعات أو رغبات ربما تعود إلى الطفولة المبكرة·
 
إن الأشكال المتخيلة التي يهرب إليها الحالم من توترات الحياة اليومية هي حافلة بالمعاني وقابلة للعديد من التأويلات·
 
الحلم، كما الواقع والمخيلة، من المصادر الأساسية التي يستمد منها الفنان مادته· إنه لا يرسم أو يكتب حلمه إنما ينتزع منه إشارات، إضاءات، إيحاءات·· منها ينطلق ويقدّم رؤيته·

الصفحات