أنت هنا

قراءة كتاب في البال

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
في البال

في البال

"في البال" للكاتبة الأردنية غصون رحال؛ تتناول فيها العدوان الصهيوني على غزة من منظور أدبي؛ ففي أسلوب سردي مشوق، تضع الأدبية كل خبراتها المعرفية والجمالية والإبداعية للكشف عن مسيرة طويلة من محطات الصراع العربي الإسرائيلي، من خلال إستعراض تفاصيل الحياة اليومي

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 10
أخذنا القطار ثانية إلى محطة Oxford Circus، قطعنا شارع أكسفورد المزدحم بالسياح والمتبضعين مشياً على الأقدام، تفرّجنا على البضائع المعروضة خلف واجهات المحال الزجاجية، إلى أن وصلنا إلى Marble Arch أشرت بيدي إلى الشارع المجاور في الاتجاه الأيمن متسائلاً: هل ترغبين بالذهاب إلى شارع إجوار روود لتناول وجبة في أحد المطاعم العربية؟
 
هزّت رأسها نفياً وأضافت مبررّة: لم أفتقد الطعام العربي بعد، ما رأيك بوجبة سريعة؟
 
أشرت بيدي مخيّراً: ماكدونلدز أم كنتاكي؟
 
قالت جازمة: كنتاكي، لا أتعامل مع ماكدونلدز·
 
دلفنا إلى المطعم، وحين جاء دورنا سألتها: كوكاكولا أم سبرايت؟
 
ردّت بسرعة: لا أتعامل مع هذا ولا ذاك، سأشتري عصير برتقال·
 
نقدتُ البائع ثمن الساندويشات وجاءت هي بالعصير وخرجنا· على باب المطعم، سألتها: ما معنى أنك لا تتعاملين مع ماكدونلدز وكوكاكولا؟ لا تحبينها؟
 
فتحت زجاجة العصير وارتشفت رشفة ثم قالت: بل أقاطعها ولا أشتريها لأن أصحابها يدعمون إسرائيل·
 
قلت ساخراً: فهمت، موقف سياسي يعني···أتظنين أن تلك الشركات ستفلس إن لم تشتري بضائعها؟!
 
ألقت إليّ بنظرة مشفقة دون أن تجيب، مفضّلة عدم الدخول في جدل لا طائل من ورائه· تلفّتت حولها تستطلع المكان· ثواني وكانت تشير إلى اتجاه ما معلنة: أترى تلك الساحة؟ سنتناول طعامنا هناك· عبرنا نفق المشاة إلى حيث ساحة القوس الرخامي الشهير وجلسنا نأكل طعامنا· تقضم من رغيفها وتلقي ما يتناثر من فتات الخبز على الأرض إلى أن تجمّع سرب من الحمام عند قدميها· فتحت حقيبة يدها، أخرجت آله التصوير والتقطت صورة للحمام المنهمك بالتقاط الفتات، وصورة أخرى للبوابة الرخامية·
 
سألتها: هل ألتقط لك صورة مع الحمام؟
 
هزّت رأسها بالنفي، أعادت آله التصوير إلى حقيبتها، وعادت هي إلى طعامها·
 
أردت فتح موضوع للحديث فاستفسرت: رهام، هل هذه أول زيارة لك إلى لندن؟
 
قبل أن تتمكن من بلع اللقمة التي في فمها أجابتني بإشارة نافية من يدها· بلعت لقمتها وقالت بصوت واثق: أعرف لندن بكل تفاصيلها··· زرتها مرات عدّة·
 
بعــد أن أنهينا غداءنا، استكملنا نزهتنا إلى حديقة Hyde park ، اشترينا فنجانين من القهوة من إحدى ماكنات القهوة الجاهزة التي تملأ الشوارع و سرنا حتى وصلنا إلى بحيرة صغيرة، تعوم على جنباتها بجعات ناصعات البياض، جلسنا على العشب· تربعت واضعة فنجان القهوة إلى جوارها·
 
تربّعتُ بدوري وصوّبت نظري إلى البحيرة· ارتشفتُ رشفة من كوب القهوة الكرتوني، أشعلتُ سيجارة، نفثت دخانها ثم سألت: ما الذي جاء بك إلى بلاد الثعالب؟
 
أجابت بتلكؤ: هل تريد الأسباب المعلنة··· أم الخفية؟ وابتسمت·
 
ابتسمت وقلت: الاثنين·
 
رشفت من قهوتها وقالت: أما عن الأسباب المعلنة، فتسطيع أن تقول إنني جئت إلى بلاد الثعالب لأجل الدراسة والبحث···
 
قاطعتها: البحث عن ماذا؟
 
مدت ذراعيها إلى الخلف فوق العشب الندي، ومالت بجذعها إلى الوراء· صوّبت نظرها نحو ماء البحيرة قائلة: لست أدري بالضبط، ربما جئت أبحث عن زمن مفقود!
 
نظرت إليها باستغراب وقد بدت مثل حورية خرجت من الماء لتشارك الكائنات نشيدها·

الصفحات