بهذه المجموعة "تحت سماء غريبة" يفتتح عدنان الصائغ، مشروع حريته الشعري.أقول هذا بغية الإشارة إلى أن الحرية تكتسب، ولا تتاح. في الفن تصبح هذه المقولة في منزلة الضرورة. الإحساس نفسه، وسيلة الارتطام الأولى، ينبغي له أن يكون حراً.
قراءة كتاب تحت سماء غريبة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 1
إضاءات
بهذه المجموعةِ تحت سماء غريبة، يفتتحُ عدنان الصائغ، مشروعَ حريتهِ الشعري·
أقولُ هذا بغيةَ الإشارة إلى أنَّ الحريةَ تُكتسبُ، ولا تُتاح· وفي الفنِ تصبحُ هذه المقولةُ في منـزلةِ الضرورةِ· الإحساس نفسه، وسيلةُ الارتطامِ الأولى، ينبغي له أن يكون حراً· على العين أن تتحركَ في عدةِ اتجاهاتٍ، إذ مهمتها في الفنِ ليست البصر وحده· وأنتَ غير قادرٍ على تحريكِ العينِ هكذا، إنْ لمْ تكن حراً، هذه الحرية لم تمنحها الجماعةُ، ولا الطبيعةُ· إنها ليستْ حرية متاحة· أنتَ اكتسبتها، بالدربةِ والشظفِ والمقايسةِ والنقدِ·
في القصائدِ التي يجمعها عنوان تكوينات، تجلٍّ لخطوةِ الحريةِ المفتتحةِ، بالإمكان عقد مقارنات بين هذه القصائدِ، وتلك التي سبقتها، فليس ثمتَ قطيعة، لكن هناك تمايزاً أكيداً· ثمتَ جرعة أكبر من الحريةِ، أثرت في الشكلِ، وفي طبيعةِ النظرِ إلى المادةِ الخامِ (قصيدتا حبل غسيل، وأجاممنون، مثلاً)
أهي النجاة من الكابوس ؟
ربما· لكنها استلزمت التحديق فيه طويلاً··· من موقع الحرية·
سعدي يوسف
عمّان 19/3/1994
كما استطاع قلبُ الإنسان الدافئ الصغير أن يتسعَ لأحزانِ العمرِ الكثيرةِ ولأفراحهِ القليلةِ، فقد استطاعَ هذا الديوانُ أن يتسعَ لأحزاننا الغامرةِ ولأفراحنا المحدودةِ أيضاً· وفي قصائدهِ يلتقي في فضاءاتها الشجنُ العذبُ بالموسيقى الهادئةِ ويتعانقُ السؤالُ القصي المرير بالسؤالِ الأكثر حميميةً ودفئاً·
حـين قرأتُ هذه القصائدَ المغمورةَ بالوحشةِ والحنينِ لأول مرة، قلتُ ليتَ كلَّ الشعراءِ المبعثرين في منافيهم المختارةِ أو الاضطراريةِ، يمتلكون مثل هذه الحساسية الجمالية الشفافة التي تمكنتْ من أن تكتشفَ - تحت سماوات الغربة - كلَّ هذا القدرِ من الهيامِ بالوطنِ الأولِ تراباً وإنساناً وحضارةً، وكلَّ هذا القدرِ من اللوحاتِ الجميلةِ والكوابيسِ الخرســـاء·