كتاب "أقباس من الإعجاز العلمي في القرآن والسنة" لمؤلفه علاء الدين المدرس، يتكلم عن الإعجاز العلمي في القران الكريم والسنة النبوية، من خلال خمسة محاور رئيسية تدور حول، مختارات من الإعجاز العلمي في القران والسنة، في المواضيع الطبية والفلكية والطبيعية الأخرى،
أنت هنا
قراءة كتاب أقباس من الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ولقد كتب الكثير من الكتاب المعاصرين في هذا الموضوع خلال العقود الأخيرة، بحيث أصبحنا بفضل تلك الجهود أمام موسوعة ضخمة حول هذا الموضوع، ومن الطبيعي أن نرى أن من بين هؤلاء الكتاب من أجاد وأبدع ومن تطرف أو تعسف في التفسير تحت مختلف الدوافع ولذلك ينبغي الأخذ بنظر الاعتبار النقاط والملاحظات التالية قبل الولوج في هذا النوع من الإعجاز القرآني بغية تجنب الأخطاء التي وقع بها من قد سلف، أو الأحكام المتطرفة بين رافض له دون مبرر وبين مسهب فيه بغير ضابط أو أساس من اللغة والعلم والمنطق، فجعل البعض هذا السلاح الذي لا يرد لإثبات وإظهار المعجزة القرآنية سلاحاً مضاداً، يمكن أن يستخدمه الأعداء للتوهين من أهمية هذا اللون من ألوان الإعجاز وإلغاء دوره، بسبب بعض التفسيرات المتعسفة والمتطرفة والظنية للآيات القرآنية ذات الطابع الحسي، ويمكن تلخيص هذه الملاحظات في ما يأتي:-
1. أن القران هو دستور الإسلام، وكتاب الله المعجز، الكتاب الذي تحدى به الله الأنس والجن على أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً. أو أن يأتوا بعشر سور بل سورة من مثله، فبهت العرب جميعاً وهم أهل البلاغة والفصاحة، أمام بلاغته المعجزة.
2. انه الكتاب الخالد إلى يوم القيامة: لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم الذي تعهد الله بحفظه من عبث العابثين: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون . وهو الكتاب الذي فيه ذكرنا أي شرفنا وعزنا:
ولقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم أفلا تعلقون
أن القران الكريم لم ينزل على قلب الرحمة المهداة ليكون كتاباً في الطب أو الفلك أو العلوم الطبيعية أو غيرها من العلوم، ولكنه أنزل كتاب هداية ونور ورحمة ليخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور ويهديهم به سبل السلام والصراط المستقيم. قال تعالى: الر. كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد .
قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين، يهدي به الله من أتبع رضوانه سبل السلام. ويخرجهم من الظلمات إلى النور بأذنه ، ويهديهم إلى صراط مستقيم. .
أن القران نزل خاتماً للكتب السماوية مصدقاً لما قبله ومهيمناً عليه ونزل على خاتم الأنبياء ليكون خاتم الشرائع: وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب مهيمناً عليه . فدين الله واحد، ورسالته واحدة إلى الناس، وهي رسالة التوحيد والعبودية لله، والقران هو النسخة الأصلية والصحيحة المنزهة عن التحريف والمهيمنة على الكتب السماوية السابقة، التي نالها التبديل والتغيير والتحريف لأنها أوكلت إلى الناس لحفظها، فقصر في حفظها والمحافظة عليها من البشر فيما مضى فجاء القران ليمثل الرسالة الخالدة إلى يوم الدين.
3. وأمة القران العاملة به، تكون شاهدة على الناس ويكون الرسول شاهداً عليها: وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً .
4. أما الخطاب القرآني فقد تميز بملامح عديدة أهمها:
أ- أنه خطاب الله الخالق لعباده في كل مكان وفي كل زمان.
ب- أنه خطاب موجه أصلاً إلى العربي والبدوي البسيط في الجزيرة العربية فهو يتحدث بمفردات سهلة يمكن للبدوي البسيط فهمهما واستيعابها ويؤهله للإيمان بالرسالة وحملها إلى العالم من حولها.
جـ- أنه يتحدث إلى الإنسان على الأرض باعتبارها المحيط الحيوي لنشاطه وخلافته ورسالته، مشيراً إلى دوره وتكريمه وتسخيرها له، باعتبارها الأرض المسخرة والمعدة له ولكل ما يحتاجه في مسيرته الطويلة.
د- أنه خطاب الله العليم الحكيم الخالق البارئ البديع البصير السميع إلى البشر بكل صنوفهم، عامة وعلماء وحكماء وحكام وأغنياء وفقراء، وبساط، مختصين وغير مختصين، ويفهمه الجميع دون لبس، وهو يخاطب عقولهم وأرواحهم ونفوسهم وفطرتهم، خطاب الحكيم اللطيف الخبير، فيدرك الجميع ما يرمي إليه فتستجيب بعض النفوس وتنفر أخرى، نفور الهائجة من المصيدة: كأنهم حمر مستنفرة، فرّت من قسورة .
والخلاصة من ذلك، أن القران كتاب هداية، ومجاله النفس الإنسانية والحياة البشرية، وأن وظيفته أن ينشئ تصوراً عاماً للوجود وارتباطه بخالقه، ولوضع الإنسان في هذا الوجود وارتباطه بربه، وأن يقيم على أساس هذا التصور نظاماً للحياة يسمح للإنسان أن يستخدم طاقاته، ومن بينها طاقته العقلية.
فإذا ما تحدث القران عن آيات الله في الآفاق وفي الأنفس، فإن ذلك لا يجعله كتاباً حاوياً لجميع العلوم، كما أدعى البعض من الحريصين على الإسلام، وإذا ما ورد في القران بعض التصريحات أو التلميحات العلمية، فذلك لا يجعله كتاباً في علم الفلك أو الطب أو غيرهما كما يحاول بعض المتحمسين أن يسهبوا في متابعة ذلك، أو كما يحاول بعض الحاقدين أن يلتمسوا فيه مخالفته لتلك العلوم البشرية.
لذلك فإن من الأسس الصحيحة التي ينبغي مراعاتها في التفسير العلمي هي عدم التكلف المخل في تأويل الآيات الكريمة، وعدم تعليق الحقائق القرآنية النهائية (القاطعة والمطلقة) بفروض العقل البشري ونظرياته، وذلك لأن الحقائق العلمية لا يمكن أن تتقاطع مع الحقائق القرآنية بخلاف الفرضيات والنظريات التي من سماتها البارزة أنها ظنية، وعرضةً للتغير تبعاً للتطور العلمي وتكامل المعرفة البشرية.
إن محاولات التأويل المتكلف دون التحصن بضوابط اللغة والعلم ومحاولة تعليق المفهوم القرآني الواضح بالفروض والنظريات العلمية الظنية، تنطوي على معان عديدة منها الهزيمة الداخلية أمام العلم المادي الحديث فتخيل البعض أن العلم هو المهيمن والقران تابع له، وهم يحاولون تثبيت القران بالعلم، في حين أن القران هو كتاب الله المقروء والكون كتاب الله المنظور، وأن التعارض بينهما محال لأنهما يعبران في النهاية عن حقيقة واحدة، والقران فوق ذلك كتاب كامل في موضوعه ونهائي في حقائقه، والعلم لا يزال في موضوعه ينقض اليوم ما أثبته بالأمس. كما أن ذلك المنهج يعبر عن سوء فهم لطبيعة القران، ووظيفته، وهي أنه حقيقة نهائية مطلقة تعالج بناء الإنسان.. حتى لا يصطدم الإنسان بالكون من حوله، بل يصادقه ويعرف بعض أسراره ويستخدم نواميسه في خلافته، وفق ما يهديه إليه عقله الموهوب له ليعمل لا ليستلم المعلومات المادية جاهزة.
ومع ذلك يجب أن لا ننسى في خضم نقد التكلف في التأويل غير الدقيق، أن في القران الكريم الكثير من الآيات العلمية التي سبقت العلم بأربعة عشر قرناً من الزمان، كما سنلمس لاحقاً إنشاء الله- مما زاد المؤمنين إيماناً ويقيناً وخشوعاً وتدبراً للقران. ودفع كذلك أناساً من غير المسلمين إلى اعتناق الإسلام أمثال:
ليو بولد فايس (الهولندي) وروجيه غارودي وموريس بوكاي (الفرنسيان) واللورد هدلي (الإنكليزي) وغيرهم كثير، وذلك مصداق للآية الكريمة:
سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد .