رواية "ليلة الجنون" للكاتبة الكويتية منى الشافعي؛ الصادرة عام 2008 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر؛ نقرأ منها:
أنت هنا
قراءة كتاب ليلة الجنون
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
ليلة الجنون
الصفحة رقم: 2
ها هي، المدينة تفتح ذراعيها، تحتضنني كأم حنونة، تهدهدني كطفلة، تحاول أن تنسيني خالد والماضي، ولكن هل حقا سأنسى خالد عديل الروح؟
بعد أن هدأت روحي قليلا، نظرت إلى البعيد، وبدأت تظهر أمامي، تفاصيل ذلك المساء، يأتيني صوتي بنبرته المعهودة كأنه الآن·· فقد فاجأتها حين رددت :
- ماما حبيبتي·· ليتفضل طارق بزيارتنا الليلة·
أسرعت لتزف البشرى له، حادثته أكثر من نصف ساعة، حتى كأنني أسمع أنين سماعة الهاتف وهي تتأوه، باب غرفتي كان مواربا وكنت مستلقية على سريري، بعد أن تعبت من التنصت على أمي أغلقت الباب وعدت إلى قيلولتي·
حينما اشتد عليَََّ التفكير وتكومت التساؤلات أمامي، كيف ستنتهي تلك الليلة معه وأنا التي رفضته مرتين، وكيف سأقنع أمي برفض محام بارع وشاب وسيم؟ والأهم ابن عمتها الغنية والوحيد، وريث المال والسلطة، فوالده كان قبل وفاته من كبار رجالات الاقتصاد ومن أشهرها، معروفا بسلطته ونزاهته، وسمعته الطيبة، والتي فتحت الأبواب أمام طارق حين كبر وتخرج وأصبح محاميًا مرموقًا، فماذا عساي أن أختلق من الأعذار لرفضه؟
ما أزال ممددة على فراشي، أتقلب وأسترجع بعض القضايا والتفاصيل الدقيقة عن حياته، ولكنني لم أصل إلى الحل المناسب، محامٍ ناجح، وسيم، غني، مشهور، قريب لأمي، هل أنا مجنونة حتى أرفضه لسبب بسيط هو أنني لا أميل إليه ولا أشعر بعاطفة نحوه؟ وهل في زمننا هذا مكان للحب؟
فجأة! شعرت برعشة، هزت جسدي، وموجة هواء باردة أنعشت روحي واخترقتني بقوة، تحركت اعتدلت، وإذا بها تهمس:
- المسألة بسيطة، إحرجيه، نبهيه إلى بعض الحقائق التي حتما ستخجله·
عندما شعرت بوجودها قربي، ارتحت قليلا، تنفست بهدوء وكأنني ألقي حملا ثقيلا عن كاهلي، تشجعت لأسألها :
- ولكن كيف سأحرجه وأنا لا أعرف عنه إلا ما تخبرني به أمي عادة·
من دون تردد همست :
- طول عمرك ذكية ويطلقون عليك (كولومبو)(*) الجامعة، تعرفين أسرار الناس، وتبحثين في دفاترهم القديمة والجديدة، فهل تعجزين عن البحث في دفاتر طارق قريب والدتك؟
بشيء من الانزعاج :
- تعرفين أنني بعيدة عنه كل البعد، ولا أتقبله، لذلك لم أمارس عليه هوايتي، ولم أنبش فى دفاتره السرية، حتى إنني لم أجالسه إلا مرات قليلة وقصيرة، تحت إلحاح أمي، وتعلمين كم أحب أمي!