رواية "ليلة الجنون" للكاتبة الكويتية منى الشافعي؛ الصادرة عام 2008 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر؛ نقرأ منها:
أنت هنا
قراءة كتاب ليلة الجنون
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
ليلة الجنون
الصفحة رقم: 10
(5)
الدكتور فهد أستاذ مادة التمويل، يقدرني ويحترمني، لدرجة أنه وبعد أن انتهت محاضرته، طلب مني أن أرافقه إلى مكتبه، لرغبته بإطلاعي على بعض الأمور بصفتي مسئولة اللجنة الثقافية، فى جمعية طلبة كلية التجارة·
جلست على الكرسي الوحيد، في غرفة المكتب، الغرفة صغيرة بالكاد تتسع لمكتب الدكتور، ورفوف صغيرة للكتب، وذلك الكرسي اليتيم الذي سحبته وجلست عليه، لأكون في وضع أقرب إلى الدكتور فهد الذي جلس خلف مكتبه·
تنهد، ثم زفر بقوة، وهو يفتح درج مكتبه، ليخرج منه بعض الملفات الملونة الجميلة·· ماداًُ يده بها إليَّ :
- تفضلي يا سارة، احكمي بنفسك، نسخ متشابهة، توائم، كل خمسة أو ستة بحوث، صورة طبق الأصل بعضها عن بعض، أصبحت ظاهرة سيئة مؤلمة·
تصبب العرق من جبيني، وأنا أقلبها بين يديَّ، هل وصلت بنا الحال، إلى هذا الحد في الجامعة، وبهذه الجرأة؟! متى سيتحمل الطالب المسئولية؟!
تمالكت نفسي، ثم بصوت حزين :
- دكتور فهد، يجب إيقاف هذه المكاتب التي تعلن بكل جرأة ووضوح من خلال الصحف، عن استعدادها لإعداد البحوث والدراسات، للطلبة الراغبين والمحتاجين لها، في جميع التخصصات وحسب الطلب، وكأن الطالب يذهب إلى الخياط، يختار الموديل والقماش، والباقي على المكتب، أما الدفع فأقل بحث بـ 50 دينارا وما فوق·
بغصة، مؤكدا، يرد :
- نعم، من الواجب التصدي لها، سواء بالطرق القانونية أو بغيرها، فأنا مثلا تخليت عن طريقة طلب البحوث من الطلبة، هناك طرق أخرى من خلالها أستطيع تقييم الطالب، فالذهاب إلى المكتبة، والاطلاع على مصادر ومراجع تخدم المقرر مثلا، وتدريبهم على مناهج وطرق البحث العلمي، أفضل بكثير من هذه البحوث المعلبة، التي أصبحت ظاهرة خطيرة وقضية جامعية، تهدد مستقبل التعليم عندنا، كما أنها شغلت الرأي العام وتناولتها الصحف المحلية، بشيء من التحليل والتنبيه، بشجاعة وجرأة·
قلت بهدوء :
- أنا معك يا دكتور، لكن التصدي لها بأية طريقة لا يحل المشكلة، وهذه المكاتب عندها من الطرق الملتوية ما تمكنها من التلاعب، فإن لم يكن الشيء في العلن، يكن في السر، أعتقد يا دكتور أن المادة سيطرت على حياتنا وجردتنا من إنسانيتنا، وأغلب الضمائر ماتت·
بوجع دفين رد :
- وما أكثرها يا سارة، نحن نسمع عن بعض المثقفين والباحثين ومن في حكمهم، الذين وبكل جرأة يسرقون أجزاء كاملة، من إنتاج غيرهم ولا يشيرون الى أن هذا الجزء، مأخوذ من إنتاج فلان أو فلانة فأين الحقوق الفكرية للمؤلف ومن يدافع عنها، فكيف نحاسب الطلبة، السرقات الفكرية والعلمية طالت المثقفين والباحثين والمبدعين والكتاب و·· و·· و··؟
خرجت من عند الدكتور فهد والألم يعتصرني والمرارة تملأ حلقي·