أنت هنا

قراءة كتاب يوميات امرأة محاصرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
يوميات امرأة محاصرة

يوميات امرأة محاصرة

تدهشنا القاصّة الفلسطينية سما حسن مرة أخرى بمجموعتها القصصية (يوميات امرأة محاصرة) الصادرة في أواخر كانون الثاني-يناير 2012عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس، وتأتي المجموعة  لافتة شكلا ومضمونا، فعنوان المجموعة(يوميات امرأة محاصرة)يدعو الى التفكر والتفكي

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار الجندي
الصفحة رقم: 1
لا..
 
تلك الكلمة تتمنى لو عثرت عليها بين مفرداتها، لو تجاوزت روحها وعقلها وقلبها، واجتازت تلك الطريق الطويلة بين جوفها ولسانها، إنها أقصر كلمة ممكن أن ينطق بها إنسان، حرف وحرف، بعكس كلمة نعم، إنها تتكون من ثلاثة حروف، ولكنها تنطقها دائماً وباستمرار، وان لم تنطقها فهي تومئ برأسها أن نعم، أو تستبدلها بكلمة أخرى تؤكد على معناها فتقول كلمة: حاضر، وأحياناً حين تمتلئ مرارة ويأساً تقول وهي تضع كفها على رأسها:
 
- على راسي..
 
تمنت كثيرا لو قالت كلمة لا....أحياناً كانت تتلفت حولها بحذر ثم تهمس بها، فلا تجد شيئا يخرج من بين شفتيها سوى الهواء، تباً هل الحرفان اللام والألف غير موجودين في قاموسها، هل من الصعب أن تنطقهما ؟
 
تذكرت أنها تنطقهما ولكن بالعكس، أي تنطق الألف واللام، ولكن لم تنطقهما في حياتها يوما ولا لحظة لاماً وألفاً، جربت وحاولت مرات كثيرة، لكن في كل مرة ترى الهواء وبعض اللعاب يخرج من بين شفتيها وأحيانا يصبح اللعاب زبدا بفقاعات وكأنها تعاني نوبات من الصرع.
 
هل قلة الاستخدام لهذين الحرفين بهذه الطريقة جعلهما يتوهان ويضيعان من مفرداتها المرتبة منذ سنوات في عقلها، في أحد الأيام كانت تستمع لبرنامج تلفزيوني لم تفهم منه شيئا، ولكن معلومة صغيرة علقت في عقلها البسيط، كانت تقول:
 
- العضو الذي يستخدم ينمو ويكبر، والعضو الذي يهمل يضمر ويصغر.
 
علقت هذه المعلومة في عقلها، وبدأت تنظر لنفسها وتطبقها. تشعر أن يديها أكبر أجزاء جسمها وأقواها فهي تستخدمهما أكثر مما تستخدم أي عضو آخر، تستيقظ في الصباح الباكر، تهرع للحمام المصبوب بالأسمنت الرخيص، وتقف في "الطشت" وتصب الماء فوق رأسها ثلاثاً لتزيل بقايا زوجها عن جسدها، وتهرع لتعجن وتخبز وتعد الطعام للعائلة الكبيرة، حيث يذهبون جميعا للحقل القريب الذي يملكه والد زوجها، يظلون في عمل لا ينقطع، وهذا وهذه وتلك، لا يعرفون هتافا إلا باسمها، هاتي، تعالي، احملي، ارفعي، وهي تشعر كأنها جبلت فقط لتفعل ما يطلبون، يمتلئ قلبها بالسخط، تود لو أنها قالت:
 
- لا.. أنا متعبة.

الصفحات