أنت هنا

قراءة كتاب لحظات خارجة عن الزمن

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
لحظات خارجة عن الزمن

لحظات خارجة عن الزمن

في رواية "لحظات خارجة عن الزمن"، يجد القارئ أن العاطفة هي العنصر الأَساسي الذي حدد موقف الكاتبة برقان تجاه كل ما عرضته في الرواية، من أَفكار، ومشاعر، وأَحاسيس؛ وهي الدافع المباشر لكل الأَقوال في نصها الروائي. نقرأ من فصلها الأول:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار الجندي
الصفحة رقم: 1
الفصل الأول
 
ممارسة الحبّ، كما الحياة، لغز تغيب كل تفاصيله. لا أدري لماذا يجتاحني التفكير العميق في هذه الحياة بعد ممارسة الحبّ. ما العلاقة بين ممارسة الجنس والحياة؟ كلاهما متعة مشوّشة. لا أدري لماذا يتملّكني هذا الشعور الغري
 
تململتْ زوجتي، وخشيتُ أن تستيقظ من نومها الذي شعرتُ أنه ينقذني من ألم الكلام، أو يجتاح مساحات صمتي. نومها أشعرني بشيء من الارتياح وسط تساؤلات وحيرة وأرق.
 
تململتْ، لكنها لم تستيقظ. كأنّ السماء استجابت لدعواتي الصامتة. بقيتْ غارقة في نومها.. بعيدة عن ما يجول في داخلي من أفكار ومشاعر غريبة. أعرف رجالاً كثيرين يمارسون الجنس دون شهوة ولا حبّ. هل استقطبتني دائرة هؤلاء الرجال دون أن أدري؟ ما معنى أن يحبّ الرجل زوجته دون أن يشتهيها؟ لا أدري إن كانت المشكلة مشكلتي، أم أنها الطبيعة البشرية. كم يلزمني من الانضباط حتى أكون زوجًا صالحًا حسب المفاهيم النسائية أو الأنثوية للصلاح! كم يلزمني من الصبر حتى استمرّ في حياة زوجية، لا مشكلة فيها سوى الشعور العميق بالملل.
 
يحدث لنا، في وقت من الأوقات، أننا لا نجد معنى؛ أي معنى لأشياء كثيرة مثل: الحياة، والموت، والزواج، والإنجاب. هل أقف عند هذه النقطة الآن؟ نقطة تجرّد الحياة من كل معانيها، أو تجرّد الأشياء من كل مضامينها؟ كم يؤلم الأعماق شعور كهذا! ولكن.. لماذا يراودني هذا الشعور؟ سؤال يبتلعه غياب الجواب.
 
نهضتُ من سريري الذي بدا قيدًا مؤلمًا، ففي الأسرّة يكون الألم، أو تكون المتعة، فالآلام تقودنا إلى السرير، والمتعة تدفعنا نحوه. ما هذا التناقض؟ السرير ننفض آلامنا ومتعتنا عليه، ففي الغرفة التي لا سرير فيها، تبقى الآلام معلّقة بثقلها على أجسادنا كالملابس على المشجب، وتبقى المتعة، واللّذة، في دائرة الاحتقان.
 
توجهت إلى غرفة مكتبي. الهدوء يغلّف الغرفة، ويغزو ظلامها ضوء خافت موضوع على الطاولة. من الهدوء ما يؤلم خوفًا أو وحدة، ومنه ما يلُفّ الجسد بالراحة، والطمأنينة؛ فالهدوء يستقطبه التناقض أيضًا.
 
في تلك الغرفة الغارقة في الهدوء، وتحت مظلّة الضوء الخافت، رأيت القلم، والأوراق البيضاء.. العارية رغبة لجسد قلم. شعرتُ أن القلم يناديني.. يجذبني حبره، وتدّفقه، وثورته، وتمرّده، وجنونه. تقدّمت نحو الطاولة متهيّبًا، ولا أدري لماذا شعرت بالتهيّب في الوقت الذي اجتاحتني ثورة القلم. ربما لأن مشاعري، وأفكاري المدفوعة بآلة الانطلاق، كان ينقصها الترتيب، والتسلسل.
 
خلال سنواتي العشر، أي منذ بدأت كتابة الشعر، لم أجد أحدًا، أو شيئًا، يحتوي، أو يحتضن ثورتي، إلا الأوراق البيضاء. مَنْ يستطيع أن يحتضن جنون شاعر؟ مَن يستطيع أن يخترق أعماق الشاعر غير القلم؟
 
زوجتي، التي درست علم الاجتماع في إحدى الجامعات، لا تعير أي اهتمام للشعر والأدب. كل ما يهمّها الإنجاب، وأعمال البيت. لا أدري ما معنى أن يجلس شاعر جوار زوجة تناقش أعمال البيت، وشؤون الطبخ، ولا أدري لماذا لم ننجب بعد خمس سنوات من الزواج الثاني، فزوجتي الأولى رأت أن لا حياة بيننا بسبب عدم الإنجاب، فتركتني، ولم أعد أعلم عنها شيئًا، ولا أدري، أيضًا، لماذا يقول الأطباء إنه لا توجد أسباب لعدم الإنجاب.
 
ما تفسير كل ما يجري معي؟
 
عندما أسأل زوجتي: ما معنى أن لا ينجب الإنسان أطفالاً؟ فتجيب باندفاع: "معناه أن يشقى". وعندما تسألني: ما معنى أن ينجب الإنسان أطفالاً؟ أجيبها بعد تفكير: "أن يزداد شقاءً."
 
استيقظتْ آلامي، وأحزاني، في تلك اللحظة. أكانت ممارسة الحبّ سبب ذلك؟ فمتعة ممارسة الحُبّ تنتهي بفتورٍ وحزن مواربيْن، كأننا نُعاقَب على متعة ابتلعناها خلال فترة قصيرة.

الصفحات