أنت هنا

قراءة كتاب إنزياحات أخرى

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إنزياحات أخرى

إنزياحات أخرى

من خلال كتابه " انزياحات أخرى "  الصادر عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في عمان .جاء الكتاب معنونا بـ " نصانيات"، وهو اقتراح شكل وبنيوي جديد ، يطرحه الدكتور محمد الأسدي ، رافعا لغته النثرية إلى أقصى درجات الشعر ، ومخلصا شعريته من روحها لتنـزل على النثر ضيفة رب

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3
أرى أن إلحاق البياتي بكل من السيدة نازك والسياب وإنْ ثالثاً هو قول فيه نظر ، وأنا في هذا مع التقييم الموضوعي الذي قدمه السياب لتجربة البياتي في مجلة الآداب البيروتية .
 
إن حشر البياتي مع السياب في مشروع الحداثة الشعرية الوليد ما هو إلاّ من تبعات خلط التأريخ والأرشفة بالنقد ، فقد أفاد من دعوى الشراكة عدد ممن التحقوا بحافلة المنافسين ممن تأثروا خطا السياب ، يتقدمهم البياتي الذي عمل بعضهم على جعله ثالث اثنين في التأسيس لشعر التفعيلة في إغماءات لا صلة لها بالنقد ، ولكن يبدو أن الأمر قد راقه ـ وبخاصة مع وجود عارفين عجائبيين بالشعر من طراز محيي الدين صبحي ـ وقد جهد في منح هذا التكليف ما يبرره عبر البحث عن روافد ثقافية ومنابع أخر للشعر ( كما في بستان عائشة و قصائد على بوابات العالم السبع وتحولات ابن عربي ) غير أنه لم يتخلص في كل ذلك من مهيمنة الرصف والتقفية الكثيفة ، وفي هذه الأعمال قاطبة نجد من جمالية التعنين أكثر مما نجد من جمالية اللغة والأسلوب والإيقاع ، فهي عنوانات تضع البوينغ على سنام الناقة .
 
***
 
لم تكن بدايات البريكان لتمثل انزياحا فارقاً ، بيد أن نتاجاته اللاحقة تشير إلى مواكبته تحولات الحداثة ، كما تجعله أقرب إلى تلك التحولات من نازك والبياتي وأبعد إيغالا في حدوسها ، ولأنه يمتلك جذوة التجريب ووعي التجديد فقد عكف على إنتاج نص يتجاوز به تخوم ذاته القديمة أولا و يرفد النص الشعري بالمزيد من جداول الإبداع عبر اتساع حقوله المعجمية والدلالية وحركية المفردة و طواعية البنية الايقاعية وتحولها وهو ما منحه فرادته وشخصيته الكتابية الخاصة بين شعراء جيله .
 
***
 
سعى الجواهري ـ سفير النوايا الحسنة للشعر العربي القديم ـ إلى إبقاء موطئ قدم للكلاسيكية وجمهورها في أتون انبثاقة حركة الشعر الجديد ، فقد فوجئت سفينته بالعاصفة الشعرية المدارية الجديدة ، وهو ما لم يتحقق في ضوء ذاكرته الخليلية الناشطة في سوى الموشحات والأزجال والبند ، وإذا بالحركة الناهضة تستنبط الهيكل الهلامي الجديد للنص من أعماق الهيكل الفولاذي الموروث في عملية كيميائية بدت في المقاييس السالفة ضربا من الشعبذة وعلم الهيئة أوالتجريب الكيميائي الذي حدث نفسه منذ جابر بن حيان بإحالة المعادن غير النفيسة ذهبا ، وهذا ما حصل لدى السياب ـ تحديدا ـ فقد وضع اشتقاقاً أوليا للمعادلة الأبستمو / جمالية المحيرة ، وأبرَمَ الصلح بين الضدين : تقويض البنى المتداعية بأدوات وثيقة الصلة بها في الوقت الذي يمارس فيه استقلاله النوعي عنها ، وقد كان الجواهري مجلاً للسياب ( تبين إحدى وثائق د. الأعرجي ذلك ) بقدر ما كان السياب مجلا للجواهري ( تؤكد وثائق عدة للغرفي ذلك ) ، ولم يتخذ من عضويته الفعالة والرائدة في حركة الشعر الجديد ذريعة إلى التقاطع مع المسار الآخر ، فقد كان راعي حركة التفعيلة الأكفأ في تقييم المسارات المجاورة له وإنزالها منازلها المستحقة .

الصفحات