أنت هنا

قراءة كتاب إنزياحات أخرى

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إنزياحات أخرى

إنزياحات أخرى

من خلال كتابه " انزياحات أخرى "  الصادر عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في عمان .جاء الكتاب معنونا بـ " نصانيات"، وهو اقتراح شكل وبنيوي جديد ، يطرحه الدكتور محمد الأسدي ، رافعا لغته النثرية إلى أقصى درجات الشعر ، ومخلصا شعريته من روحها لتنـزل على النثر ضيفة رب

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8
وعلى الرغم من أنه أنجز في أنماطها الأولى ما يستحسن فإن استمرار تلك البنية في الظهور بنحو خَطِّيٍّ ثابت هو مظهر لا يحسب في صالح منتِجِه بأية حال ، فالتدوير هو أهون ما في بنية الإيقاع العربي من إمكانات واحتمالات جمالية ، وقد بدا لدى كثير من الشعراء حيلة من لا طاقة له على تنويع إيقاعاته ، ولم يقتصر هذا المسار الخطي على البنية الإيقاعية لنصه بل اتخذ امتدادات لغوية و موضوعية وأسلوبية يمكن أن تجد نظائرها المطابقة لها فيما سبقها بحقب بعيدة من إنتاجه ، وقد حاول التخلص من سطوة الثبات الإيقاعي هذه باللجوء إلى " النثرنة " أحياناً ، غير أن ما قدمه في هذا الشكل الكتابي لم يَعْدُ تحويل مضامين بنية التدوير إلى بنية نثرانية ، أي ـ بتعبير آخر ـ فك المنظوم ، وهي تجربة ابتدأها في الثمانينات ، وعاد إليها على نحو متقطع امتزج فيه الإيقاع العروضي واللاعروضي ، غير أن السمة الأكثر بروزا في نص محمود تتجلّى في فاعلية الحقول الدلالية للعلامات ، سواء أكان ذلك " خطبة الهندي الأحمر الأخيرة " أم " طوق الحمامة " ، " لوركا الأندلسي " أم " يوسف الكنعاني " ، لكنها مع ذلك أشَّرت اتساع أفقه الثقافي أكثر مما أشرت تجددَ أسلوبيته ، فقد كان معجمه يطَّرد ويتحلّق أفقيا ، فيما يمضي أسلوبه شاقولياً ، وبين هذا وذاك ، كانت الشعرية العربية تكتسب من منجزه في نجاحاته وإخفاقاته الشئ الكثير .
 
***
 
يمكن مقارنة مطر ـ العالق منذ عقود في تثبيتات الخطاب ـ بنزار من بين أفراد جيله من حيث ثبات شكل النص ورتابة البنية الإيقاعية وتثاؤبية الخطاب ، فلم يبرح في خطابه الشعري مسكوكات التذمر وفلسفة البكاء ، وهو التزام جعله مفضلا لدى شريحة من المتلقين الانفعاليين ، من الباحثين عن القصيدة / المانشيت ، أو القصيدة / الشعار ، والخطابية الرنانة ، ولعل المطريات لا تذكرنا بأحد من الشعراء بقدر ما تذكرنا برسام الكاريكاتير العربي الراحل ناجي العلي ، وقد اجتمعا فعلاً تحت مظلة الصحافة الكويتية ، غير أن ناجي يتفوق على مطر في تجدده الموضوعاتي والبنائي ، بينما خلت تجربة مطر من أدنى تجدد في معمار النص ودلالاته ، فلم يسع إلى إضافة تذكر على ما قدمه من صور وإيقاعات ولغة في اللافتات الأولى ، ويؤكد المسار الخطي لخطابية اللافتات تفاقم هذا المنحى ، وليست هذه السمة الأسلوبية حكرا عليه ، فهي عامل مشترك بين عدد من الخطابات الشعرية متباينة المتَّجَهات ، فمثلا على الرغم من الاختلاف الجذري بينه وبين شاعرٍ على شاكلة أدونيس فإنهما يلتقيان في المسار الخطّي للخطاب ، إذ لم يكد يطرأ على خطابه الشعري أدنى تغيير منذ " كتاب التحولات والهجرة في أقاليم النهار والليل " مروراً بـ " الكتاب " ووصولا إلى آخر منشوراته ، فهو يكتب نصا واحداً تحت عنوانات مختلفة ، والأمر ذاته نجده لدى شعراء كثر منهم مظفر النواب وأحمد عبد المعطي حجازي وسميح القاسم وقاسم حداد وحسب الشيخ جعفر وسعدي يوسف وغيرهم من شعراء الواحدة.
 
***

الصفحات