كتاب "الإلاسم والتنمية"؛ هذه محاولة لتلمس الخطوط العريضة للإسلام والتنمية·· ذلك أن الإسلام بجانب كونه دينا ذا مبادئ ومضامين سامية ونبيلة تهدف إلى خير البشرية·· وهذا في حد ذاته يصب في محصلة الرقي للفرد والأمة·· فإنه يمثل مشروعا حضاريا يحمل مضامين فيها كل معا
أنت هنا
قراءة كتاب الإسلام والتمنية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 7
ومع اجتياح مبادئ الانفتاح الاقتصادي ونظرية السوق تحت مظلة العولمة وما يصاحبها من دعوة جامحة للتخصيص·· فإن الأمر في العديد من البلدان الإسلامية·· قد لا يتغير كثيرا من حيث احتكار قلة للثروة أو السلطة·· وإذا كانت هذه القلة تحتكر العقود الكبيرة أو تحتكر المناصب العليا في مؤسسات الدولة·· فإن تحويلها إلى القطاع الخاص لا يعدو أن يكون تغييرا في الموقع·· وتظل تلك القلة إلى حد كبير هي المحتكرة للعقود الكبيرة والملكية الكبيرة للمؤسسات في القطاع الخاص·· وذلك أمر لا يخرج عن مفهوم الاحتكار في الفضاء الاقتصادي·· ناهيك عن أن احتكار السلطة أو احتكار الوظائف العليا أو احتكار الثروة كلها أمور لا تتفق مع جوهر الإسلام·· وتعوق حركة التقدم·· وتقوض التنمية·· وتلغي إلى حد كبير دور الإنسان·· والحوافز الموضوعية·· والمناخ الموضوعي الباعث على الجد والاجتهاد والإخلاص والابتكار·· وتحقيق ما تتطلبه التنمية·· بافتراض أن هناك استراتيجية تنموية صحيحة·· وإرادة جادة·· وحشدا للطاقات والموارد·· واستخداما أمثل لها·· وصولا إلى الغاية المرجوة· ولما كان الإسلام ضد الاحتكار والاستغلال في الفضاء الاقتصادي وغيره من فضاءات·· فإن ذلك ينسجم أصلا مع مبدأ المساواة التي يؤكدها الإسلام ويعتبرها واجبا دينيا ملزما·
لايدخل الإسلام كثيرا في التفاصيل·· ولكن يبقي المرجعية والأصل·· ولذلك فإن الاستخدام الأمثل للموارد·· يتفق مع الإسلام الذي يندد بالتبذير والإسراف والهدر والفساد· كما أن الرقابة الذاتية·· هي من جوهر الإسلام·· وهي الرقابة الأكثر فاعلية·· لأن رقابة الذات تعني الجد والاجتهاد حتى في غياب المراقبة المباشرة·· ويتمثل فيها أيضا الحرص على المال العام·· وكذلك حسن توزيعه حسب مصارفه التي تعود بالنفع العام على الأمة·· وكذلك حسن الاختيار للوظائف على أساس من الموضوعية والبعد عن المحسوبية·· فالناس سواسية ولا مجال للتفرقة أو للتمييز على أساس صلة القربى أو العشيرة أو القبيلة أو الطائفة·
ويتفق الإسلام مع المساءلة على كل صعيد·· بل إنه ينسجم انسجاما تاما مع الشفافية والمحاسبة· والإسلام يتفق مع تملك نواصي القوة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وتقنيا وعسكريا وإداريا·· فنواصي القوة هذه هي التي تمكن الأمة من أن تكون لها منعة ومكانة·· وتدرأ عنها تحديات أعدائها وترد محاولاتهم لاستضعافها واستعبادها والهيمنة عليها أو النيل منها·
والإسلام يتفق مع التنمية في هذا التوجه الصحيح الذي يحقق القوة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية والتقنية والإدارية·· ويحقق في إطاره العيش الكريم لأبناء المجتمع·· ويرفع عن الفقراء منهم وطأة الفقر ويحقق فرص العمل الكريم المنتج لأن ذلك ركيزة أساسية في التنمية التي يعتبر الإنسان محورها ووسيلتها وغايتها·
إن تبديد الموارد والطاقات·· لايتفق مع الإسلام·· ويناقض التنمية التي تتطلب الاستخدام الأمثل لتلك الموارد والطاقات·· بغية الاستفادة منها في تحقيق قاعدة اقتصادية إنتاجية قادرة على العطاء المستمر ومواكبة للتطور·· الأمر الذي يحقق القوة الاقتصادية·· وتلك بعد رئيسي من أبعاد التنمية·· ومحور رئيسي من محاورها· والعالم الإسلامي·· الذي يزخر بموارد وطاقات كبيرة·· يكاد يكون في قائمة الفقراء المستضعفين بين دول العالم·· لأن كثيرا من هذه الموارد والطاقات قد أهدر أو بدد واقتطع الفساد قسطا منه·· وتكالبت أطماع خارجية على قسط منه·· وأفرز هذا الوضع قلة مترفة يصل مجموع أرصدتها في المصارف الخارجية إلى مليارات الدولارات بينما دولها تئن الكثرة فيها تحت وطأة الفقر والبطالة والحرمان·


