رواية "ترنيمة امرأة..
أنت هنا
قراءة كتاب ترنيمة امرأة.. شفق البحر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 1
كلوديا تخطفني إلى الشمال
تعرفت عليها على ساحل سوسة في تونس. يومها دارت بنا موجة عنيفة، مباغتة، وقرّبتنا من بعضنا، ونحن في عرض اللجّة. ألفيتها، على حين فجأة، إلى جانبي. للوهلة الأولى تهيأ لي أنها صعدت من الأعماق القديمة المسحورة، أو قذفها مركب فضائي آت من كوكب بعيد. هكذا انبجست، كأنما على
حواشيَ حلم بهيج.. ابتسمتْ:
ـ هاي…
ولعبتْ بأصابعها تحييني..
من تلك النقطة تراءى لنا البشر والمظلات في غلالة نحيلة من ضباب مضطرب، فعرفنا أننا توغلنا أكثر مما يجب في عمق البحر. وحين سبقتني غائصة، تبعتها بلهفة ونزق، حتى إذا استلقينا لاهثين تحت مظلتها، أدركت أنها بفتنتها الطافرة تبدد ما طفا، طوال سنوات، فيَّ، من زبد الغربة. وإنني أحقق، في هذه اللحظة توافقاً وانسجاماً مع الناس والأشياء حولي.
إذ ذاك بدأنا أول رحلة الكلام. والكلام مع كلوديا مبتدأ الرواية ومنتهاها. تورط الذاكرة في لعبة اللغة ومكرها، ومأزق اللغة وهي تتقصى في متاه الذاكرة.
قالت أنها إيطالية، تتقن الإنجليزية جيداً، وتستطيع التفاهم، مع من يفهمها، بالعربية، ولها شغف بالسفر، لاسيما إلى أصقاع الشرق. ترغب بعبور صحارى أفريقيا، وسلوك طريق الحرير في مجاهل آسيا، على ظهور الخيل والجمال، أو مشياً على الأقدام بصحبة فتى من الشرق صبور وشجاع. تحلم أن يخرج لها من أغوار حكايات ألف ليلة وليلة.
قالت أنها لم تعثر عليه بعد، أو أنها لن تعثر عليه أبداً، لأن نوعه انقرض منذ زمن بعيد.
* * *