رواية "ترنيمة امرأة..
قراءة كتاب ترنيمة امرأة.. شفق البحر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 7
نعود إلى الساحل وقد خلا من الناس أو كاد.. نتمدد على الرمل. نتسمع للنشيج المكتوم للبحر.. ملمس أصابعها يوقظ فيَّ ألماً مطَّهِّراً ونشوة خاطئة. أسمع قعقعة عربات الرغبة في دمي. أسمع رنين الأجراس المعلقة على رقاب خيول تركض في صحرائي.
مأخوذاً بالغواية تجذبني كلوديا إلى مخملها. إلى الشبكة الناعمة الملساء الحادة. تقبض عليَّ بذلك الشيء النافر والشرس والحيواني الذي فيها، فأحتويها في هذا الأتون الحارق الذي هو شغفي وشبقي. روحي الظامئة الصارخة في البرية، الحارة والمتطلبة، فأحس للمرة الأولى بأننا معاً في فاتحة نشيد باهر، يهيّج مياه الأبيض المتوسط.. أقول لها:
ـ كأن الزمان، وجد من أجل هذه اللحظة.
تقول لي:
ـ كم أنت حالم أيها البدوي الضال؟
أقول لها؛ أنت الأخرى حالمة أيتها الغجرية الوحشية.
تضحك فأتأمل تقاسيم وجهها. تسحرني بشرتها بالنور البرونزي الغض الذي تبعثه. تلوب روحي فأعبر إلى ما وراء خطوط المرئي، كأنني عبثاً أحاول قراءة ما يدور في رأسها الجميل.
أعرف أن أسئلة مرهقة، عصية تصدّني عنها. أسئلة تراكمت منذ فجر التاريخ حتى باتت جبلاً من صخور مسننة، ناتئة، جارحة.. أسئلة جوّاب رجيم.. أسئلة مؤجلة، عارية.. أسئلة من قبيل؛ من الصياد فينا ومن الطريدة، في هذا الطراد الناعم، المضني، الأثير، على أرض هذا القفر الثلجي، وعبر هذه المفازات الساخنة، القاحلة؟
* * *