أنت هنا

قراءة كتاب هل يرحل المسيحيون العرب؟

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
هل يرحل المسيحيون العرب؟

هل يرحل المسيحيون العرب؟

في مقدمة كتابه "هل يرحل المسيحيون العرب؟"، يكتب الكاتب والباحث وهيب الشاعر: "بدأ اهتمامي بالبحث في المسيحية العربية بعد حشد من القراءات المتواصلة عن لبنان، حيث لعبت المسيحية دوراً مهماً في تاريخه الثريّ، والذي كان فاعلاً في تاريخ المشرق العربي في مختلف حقبا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1
1- مقدمة
 
بدأ اهتمامي بالبحث في المسيحية العربية بعد حشد من القراءات المتواصلة عن لبنان، حيث لعبت المسيحية دوراً مهماً في تاريخه الثريّ، والذي كان فاعلاً في تاريخ المشرق العربي في مختلف حقباته، خاصة تلك التي انطلقت مع ظهور الإسلام· ولقد كان للمسيحية في لبنان دورٌ عظيمٌ في تاريخ الأمة العربية في القرون الأربعة الماضية، أي عصر النهضة والتنوير بعد هبوط عميق ومديد·
 
لقد أدركت في مرحلة مبكرة من هذا الاهتمام، وفي محاولة تحسّس واستشراف الدور الواعد والمنشود للمسيحيين، العرب في هذه المحطة من التحديات العربية، ضرورة التمييز بين دور المسيحية ودور المسيحيين من أجل تعميق الفهم لتاريخهما· فهل كان للدين المسيحي تأثير على المجتمع العربي وحضارته؟ أم أنه كان هامشياً وذا تأثير غير جوهري؟ وإذا كان دور المسيحيين العرب جوهرياً فهل كان ذلك بسبب دينهم؟ أم بسبب انتمائهم العربي في مرحلة صعود العرب ما قبل الإسلام؟ وبعبارة أخرى، هل كان ذلك التأثير صعباً أم مستحيلاً على غير المسيحيين، وأن للمسيحية تأثيراً على دور المسيحيين العرب، يختلف عن دور أشقائهم الآخرين قبل الإسلام وبعده؟ وهل امتدَّ هذا التأثير في حياة العرب من المجالات الاجتماعية، وخاصة القبليّة والعائليّة من زواج وطلاق وتعدد زوجات، إلى الاقتصاد مثل الزكاة والربا في الإسلام، وفي الثقافة شكلاً ومضموناً، وخاصة في القيم والتوجهات، أو في الحياة السياسية؟
 
إن الدافع الحاسم في اهتمامي بدراسة المسيحية العربية نابع بشكل خاص من الدور الإيجابي الذي لعبه المسيحيون العرب في الدولة والمجتمعات العربية منذ البداية، وخاصة في العلوم والمهن والمال والفلسفة والتواصل مع الإغريق والفرس والهند· وكذلك الدور الذي لعبه المسيحيون العرب في العصر الحديث، في إطلاق شرارة اليقظة على عظمة اللغة العربية وتراثها الثقافي، المؤسّس للنهضة الحديثة التي لم تعطِ ثمارها الكاملة بعد·
 
وعلى هذه الخلفية ينشأ السؤال المهم والكبير؛ ما طبيعة الدور المنشود الذي سوف يلعبه المسيحيون العرب للمساهمة في وصول العرب إلى مبتغاهم وتحقيق أمانيهم المنشودة؟ وإذا كان هذا إيجابياً فهل يعود ذلك ثانية لخصائص المسيحية الثقافية أو الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أم إلى عقيدتهم الدينية؟
 
لم تعتن العلوم الإنسانية منذ الإغريق وحتى القرن العشرين بالدراسات المجتمعية، التي تضيء الأبعاد والدوافع والنتائج للأحداث الدينية التاريخية، التي احتلّت مساحات واسعة في تاريخ الإنسانية· فمعظم الإرث الديني الثقافي والإنساني المتوفّر يحصر هذه الأحداث في أطرها اللاهوتية، ولا يتعرض للخلفية السياسية والاقتصادية والمجتمعية والثقافية التي احتضنت الأحداث التاريخية ذات الطبيعة الدينية·
 
ففيما يخص مناطق الديانات السماوية لا يتوفر ما يروي العطش الفكري، حول أسباب ولادة الأديان الثلاثة، ومن ثم تفتتها إلى مذاهب مختلفة، وكذلك وضع حدود لانتشارها أو فشلها ، وما ساعدها في ذلك الانتشار أو الانحسار·

الصفحات