أنت هنا

قراءة كتاب امرأة في حفل توقيع

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
امرأة في حفل توقيع

امرأة في حفل توقيع

يقدم نصار في هذه المجموعة الجديدة، وبلغة قصصية رشيقة جميلة الصياغة، نماذج فنية في إطار بناء سردي متماسك، تأسر القارىء منذ استهلالها وتطرح مضامين عصرية وتدخل أحياناً تخوماً غير مطروقة من قبل كي تبرز بايقاع مأساوي مؤثر تناقضات الحياة ومفاجآتها من خلال عذابات

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 6
العروس
 
أختنق في هذا الجو الفاسد. مصيري لعبة حظ بأيدي لصوص، والفرح صار حبة دواء انتهت صلاحيتها.. زمن غادر.. في لحظة ينهار كل شيء.. والمستقبلُ يصبح جثةً على درب المجهول.. عادت الى البيت واجمة. بدت لي ضجرة متعبة متوترة، والاعياء خطف وجهها مثل خفاش متشبث في كهف مظلم. لم تقل شيئاً، لكن عينيها قالتا كل شيء. لم يكن في الجو سوى لهاث أنفاسها بعد المشوار في عز الظهيرة. لم أرَ عينيها بين تجاعيد وجهها من غير بريقٍ مثلَ اليوم.. خلعت منديلها عن رأسها بتأفف وضجر. راعني رؤية البياض في مؤخرة رأسها. انقبض صدري كمن مسته صعقة كهرباء.. لم أر الشيب في شعرها بمثل هذا الوضوح من قبل. سمعت زفرات أنفاسها المتلاحقة. كانت تغلي، وفي داخلها مرجل يوشك أن ينفجر. الصيف لاهب والحر لا يطاق. والسماء بدت بيضاء كالحةً بالسراب من شدة الوهج. تهب الخماسين بين حين وآخر، فأختنق من الغبار.. أكره الصيف.. لم أحس به ثقيلاً مثل السنة. في النهار تنضح الجباه والرؤوس التي انحسر عنها الشعر بحبات العرق! وفي الليل تهب ريح يرتعش لها الجلد. لقد أنهك التقلب روحي وأعياها.
 
لم أتجرأ أن أبادرها بالسؤال. يقدح الشرر من عينيها. أرى الجواب في وجهها وأسمعه في أنفاسها اللاهثة. بعد قليل قالت بيأس المستسلم: "ماذا سنفعل الان؟" أطرقتُ وقد عقدت الحيرة لساني. مات الامل الذي راودني منذ الصباح. دعوت في سرّي كثيراً أن تجدها أمي. لو عرفتها لخنقتها بيدي. لا تعرف أنها سرقت أمل قلبي الميت في الحياة. وسرقت عزة نفس أمي. توشك أن تبكي أمي قهراً.. تذهب كل يوم وتعود بخفي حنين. ولكن كان لدّي اليوم إحساس أنها ستجدها، وأننا سنخرج من هذه الورطة. تبدد الامل. شعرت بالغيظ والقهر. ارتسمت خيبة كبيرة كأنها اصابع دامية على وجه مذعور. هل يمكن أن يضيع كل شيء في لحظة؟ أتحرّق أن أعرف من تكون. إزددت حقداً في صدري عليها. صار مصيري لعبة في يدها. كيف يمكن أن تكون إمرأة بهذه الجرأة وتبلّد الإحساس؟

الصفحات