أنت هنا

قراءة كتاب الشتات

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الشتات

الشتات

الديوان الشعري "الشتات"،قصائد حداثة ومعاصرة·· ومليئة بالاحساس المتدفق المؤلم ·· انها حصيلة مؤلمة لتأريخ سياسي مبدئي وطموح نابع من القلب، وقصائد حب متوقدة وانعكاس لتجرية معاشة وفيها الشيء الكثير من الرثاء لأبطال منسيين عبروا جسر مملكة الموت وخلف الستار السيا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
المقدمة
 
منذ انطلاقتي ···· وعند صدور أول مجموعة شعرية لي عن دار العودة في بيروت ما اعتدت ان يقدم لي شاعر أو كاتب مجاميعي الشعرية·· وما اعتدت أيضاً أن أقوم أنا بعملية التعريف والتحليل لنتاجاتي·· رغم أنني أكتب في الأدب وأمارس الصحافة ولي دراسات وآراء في الشعر ومقدمات لمجاميع شعرية وقصصية والى غير ذلك من الكتب التي صدرت عن دار شركتنا عشتار للطباعة والنشر والتوزيع في بغداد·
 
كنت أترك الشعر كزهرة برية ·· من دون تدخل·· ليقدم نفسه للقارىء بحيويه الشعر وتدفقه·· أنه جواز مروره وعليه أن يفتح كوامن أسراره ويكشف عن سحر الشذى الذي في داخله·· ما دام للشعر ايحاءاته المتعددة وللقارىء عملية الكشف··
 
ولكنني الآن ومن خلال مجموعتي الجديدة الشتات أجد في نفسي الرغبة لتسجيل بعض الملاحظات التي لا بد منها حول شكل القصيدة النابع من طبيعة التجربة·· ولعل السبب ان هذه المجموعة تتضمن عدة قصائد تتشكل على العمود الشعري في حين أنني لم يسبق لي نشر أية قصيدة عمودية في مجاميعي السابقة·
 
كانت مجموعتي الثالثة دائرة في الضوء ·· دائرة في الظلمة قصائد حداثة·· وإشارة دالة نبهت الكثيرين الى هذا الاسلوب والروح الشعرية التي تتحدث عن تجارب مصيرية معاصرة لها لغتها الخاصة وتقنيتها المميزة وهي تعبر خير تعبير عما كان·· أما قصائدي هذه في الشتات فهي أيضاً قصائد تتحدث عن تجارب معاصرة لهذه المرحلة في المنطقة وتمثل أيضاً روح العصر لمرحلة التسعينات·· ومرحلة التسعينات هذه مؤلمة وجديدة ولا نستطيع ان نعتادها·· فلا نملك الا أن نرثي أنفسنا ومنطقتنا، والمراثي بطبيتعها تنضح بالشجن والتأمل والإحباط والاستسلام المؤقت·· لالتقاط الأنفاس·· برهة من الزمن ليكون هذا الشكل الذي تفرضه تجربة القصيدة نفسها·· في حين أن دائرة في الضوء·· دائرة في الظلمة على سبيل المثال رغم كل ما فيها من عنف وتوثب وجراح وآلام الا أنها مسكونة بالأمل ·· فما زالت عروقنا نابضة أيضاً بالعنف المعاكس والمضاد·· ونعتقد أننا نقود مرحلتنا وتجربتنا في مسارات الحلم والتحقق الى شيء جديد نصنعه بأنفسنا·
 
و الشتات أيضاً قصائد حداثة ومعاصرة·· ومليئة بالاحساس المتدفق المؤلم ·· انها حصيلة مؤلمة لتأريخ سياسي مبدئي وطموح نابع من القلب، وقصائد حب متوقدة وانعكاس لتجرية معاشة وفيها الشيء الكثير من الرثاء لأبطال منسيين عبروا جسر مملكة الموت وخلف الستار السياسي للأحداث هم الآن ذكرى فقط لأبطال حقيقيين كان بعضهم في الظل واصبحوا كلهم فيه·· قدموا للأمة تجربتهم وما استطاعوا عليه باخلاص بما فيهم البطل التراجيدي الشاعر الفارس أبو الطيب المتنبي
 
ان طبيعة التجربة الشعرية هي التي تحدد شكل القصيدة ومحورها وصورها واسلوبها وتشكيلها اضافة الى رؤيا الشاعر وتقنيته ومنظوره الفني ·· وقد جاءت بعض القصائد في هذه المجموعة بلغة التجربة المعاصرة نفسها وعلى شكل العمود الشعري·· وهي قصائد لم أنشرها في مجلة أو صحيفة·· وقد ارتأيت ان أضعها مع قصائد التفعيلة، ولم ألزم نفسي بلون واحد، لأن تجارب الانسان ومعاناته هائلة ومتنوعة وان الاقتصار على شكل واحد في الشعر هو اجحاف أيضاً بحق الشعر الذي هو لوعة داخلية متأزمة لتشكيل الواقع وتهشيم النمط المغلوط··· فكيف يمكن لهذه اللوعة الداخلية وهذه الرغبة المحمومة في اعادة تشكيل الواقع ان تحاكي السائد المألوف، وأن تكتفي بأسلوب واحد في التعبير·· ان الموسيقى في الشعر لشيء هام، وان الشحنة الداخلية هي التي ترسم شكل القصيذة·· والنغمة الموسيقية التي تتوقد بها·· فهي التي تلم اجزاء القصيدة في الشحنة المتقدمة الى الأمام التي هي شحنة الهدف·· ان الشعر شيء أكبر من هذا·· لعله الحس الدرامي·· المعاناة·· اللوعة·· القدرة على الالتقاط والتشخيص وبلورة التجربة·· لعله التراجيديا التي في داخله·· أنه كل هذا وأشياء كثيرة تستطيع الموسيقى بلورتها واعطاءها الصوت المطلوب من صخب وعنف وتفجر وتدفق متماشياً مع الحالات الانسانية المتداخلة في القصيدة·· وهنالك فرق كبير بين النظم وتدفق المشاعر الملتاع المنساب·· ان نسغ الشعر شيء جذاب وخاص وشفاف ينساب بهدوء وهو الذي يعطي للكلمة الجامدة الحياة الفياضة كما هي الروح داخل الانسان·· شيء غامض وخاص يعطي الانسان حيويته وتوقده وخصوصيته·· انها الحياة نفسها التي تقدم القصيدة والشاعر بما يحمله من هموم وتوق للتواصل مع الحياة التي يطمح لتغييرها·· وتوق للخلاص من واقع يطمح لتشكيله من جديد·· وتوق للتواصل مع النار التي تؤجج التجربة·· وتوق للخلاص من النار التي تحلّق بأجنحة الابداع·· فقدر المبدع دائماً ان يعيش هذا التناقض، فالإبداع ليس مجرد رصد للواقع·· بل هو أيضاً عرافة ونبوءة وتبشير·· وأملي كبير أن تسهم هذه المجموعة في احداث بعض التغيير المطلوب وتدفع ولو قليلاً باتجاه الحلم والخلاص··
 
امال الزهاوي

الصفحات