على الإنسان أن يفهم أعجوبة الأشياء ليصبح كل شيء مفهوماً. إنهم يقولون إن الفلسفة تبدأ بالعجب، ربما! لكن الفلسفة تحاول دائماً أن تدمّر العجب، تريد الفلسفة أن تقتل أمها لأن كل جهودها تنصبُّ على توضيح الغموض المحيط بالوجود.
أنت هنا
قراءة كتاب الثورة لعبة العقائد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الثورة لعبة العقائد
ينتمي المستقبل إلى أولئك الذين لديهم الحس الشعري القلبي، فالماضي كان منطقياً أكثر مما يجب. حتى أولئك المتديّنون المزعومون ليسوا إلا منطقيين ينسجون ويحيكون منطقهم بزّي اللاهوت، كانوا يخلقون الفلسفة باسم الله حيث كانت الفلسفة أعلى أشكال التديّن في الماضي وكانت المعتقدات الخرافية أدناها، لكن كليهما زائف والإنسان بحاجة إلى شاعرية الدين، إلى التصوف.
إن حامل البشارة هو (كبير) لأنه المبشر بالمستقبل وأول الأزهار المبشرة بقدوم الربيع. إنه واحد من أعظم شعراء الدين لكنه ليس لاهوتياً، ولا ينتمي إلى أي دين، لقد كان رحباً بما يكفي لاحتواء الجميع، وليس هناك من دين خاص يستطيع تحديده، فهو مسلم ومسيحي وهندوسي وجايني وبوذي، إنه جمال عظيم وشعر عظيم، إنه أوركسترا عظيمة.
كان الرجل أمياً تماماً ويعمل حائكاً، وهو يُعتَبَرُ في الهند شخصاً نادراً. كان (بوذا) ابن ملك وكذلك كان كل من (مهافيرا) و(راما) و(كريشنا) حيث كانت الهند مهتمة جداً بالثراء مع أن قادتها مستمرّون بإخبار العالم كله أن الهند روحانية. لقد كانت مادية جداً ولم تكن حتى صادقة في ذلك. يبقى الهنود ماديين حتى عند وقوفهم ضد الأشياء المادية، فإنْ هم هللوا لبوذا، فلكونه تخلى عن المملكة وهذا يبقي القيمة في المملكة. إنهم يعبدونه لأنه تخلى عن ثروة كبيرة.
كان (كبير) نادراً جداً لأنه رجل فقير، وتلك هي المرة الأولى التي يتم بها الاعتراف برجل فقير على أنه رجل الله. وباستثناء حالة (كبير) فقد كان هذا المنصب حكراً على الملوك والأمراء والناس الأغنياء. كان (كبير) مسيح الشرق لأن المسيح كان أمياً وكان ابن نجار وتكلم أيضاً بطريقة (كبير) نفسها. هناك تشابه هائل بينهما لأنهما ينتميان إلى الأرض نفسها، هما أرضيّان جداً لكن لدى كل منهما تبصّر عظيم. كانا بسيطين وغير مثقّفين وغير متحضّرين وربما كان ذلك هو السبب في كونهما يقولان ما هو مقنع، فحكمتهما أتت من الجماهير ومن تجربتهما الشخصية، لم يتعلماها في الجامعات ولم يدخلا أية مدرسة ولم يكونا عالِمين ولا حاخامين. كانا من الناس العاديين. تُعتبر حالة (كبير) هي الحالة الأولى في الشرق والتي يأتي فيها رجل فقير ليوضح جماليات الألوهة.
إذا عرفتَ رجلاً غنياً وليس متديّناً فإن هذا الرجل يكون غبياً: هذا هو فهمي للأمر. إن كنتَ غنياً فسيحدث لديك وعي دينيّ ولن تكون بحاجة للكثير من الإدراك لتفهم ذلك، لأن ثراءك سيثبت لك عبثية العالم. إن كنت تملك كل شيء فلا بد أن تصبح متديّناً ولا مفر من هذا لأن امتلاك كل شيء يجعلك قادراً على الرؤية وسوف تقول: "لقد حصلت على كل شيء ولا أملك أي شيء بداخلي". إن لم يحدث ذلك مع الإنسان الغني فهو غبي حقاً بشكل كامل.