أنت هنا

قراءة كتاب النظرة المتكاملة إلى الخلفاء الأربعة في صحيح السنة النبوية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
النظرة المتكاملة إلى الخلفاء الأربعة في صحيح السنة النبوية

النظرة المتكاملة إلى الخلفاء الأربعة في صحيح السنة النبوية

كتاب "النظرة المتكاملة إلى الخلفاء الأربعة في صحيح السنة النبوية" ورقة عمل قدّمت لمؤتمر السنة النبوية الذي نظّمته كلية الشريعة في جامعة اليرموك، للكاتب د. نوح مصطفى الفقير، الصادر عن دار المأمون للنشر والتوزيع.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 1

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله؛ الذي جمع المسلمين على العروة الوثقى، وفاضل بين الناس بالتقوى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وعلى آله وصحبه، وعلى كل مَن آمن به واقتدى فاهتدى.
وبعد؛
فالخلفاء الأربعة البررة؛ أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله تعالى عنهم؛ مناراتٌ بها يُهتدى، وأمثلةٌ في الخير بها يُقتدى، وهم الذين حملوا راية النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، ولزموا غرزه، واقتدوا بسنته؛ وكانت غايتُهم التنافس في فعل الخير، لا التفاضل في الخيرية، كما كانت وسائلهم شريفة، وأهدافهم نبيلة، وقد أجمعوا على أن أكرمهم عند الله أتقاهم؛ ولذلك لم نجد فيهم من يزكي نفسه؛ لأنهم يعلمون أن الله تعالى يزكي من يشاء، وإنما عزفوا عن الدنيا فأتتهم راغمة، وفتحوا الآفاق، وخضعت لسلطانهم الرقاب، وسارت بسيرتهم الركبان، ما تعاقب الجديدان، ودام الفرقدان، وشهد لهم بذلك الأعداء قبل الأصدقاء، وهكذا انتظم العقد على نهج قويم، وكثر الاتفاق، وقلّ الافتراق، وانقضت فترة مباركة، سادتُها الخلفاء الراشدون المبشرون بالجنة، وإنجازاتها بادية للعيون، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
وفي أواخر العصر الراشد ظهرت فتن، الحليم فيها حيران، والواقف فيها خير من الماشي، والماشي خير من الساعي، لكن السلف الصالح ظلّوا مُصرّين على نشر دين الله، والجهاد في سبيله، وكانوا في ذلك كالبنيان المرصوص؛ يشدّ بعضه بعضاً، فلم تثنهم عواصف الفتن كثيراً، فسرعان ما تلتقي القلوب المؤمنة في بيوت الله، وسرعان ما تزول الغمة بعد حدوثها، والغصن من الشجرة، وإن مالت به الريح.
واليوم ضعفت الهمم، وكثر قول الناس، وقلّ عملهم، واختلفوا في الجيل الأوّل! محاولين إيجاد الأفضل من الخلفاء الأربعة، وبات كثير من المقلدين يَدوكُون في هذه المفاضلة، وتقاتلوا، وتناحروا، وتشاتموا، حتى أضحى بأسهم بينهم شديداً، وليتهم تركوا الأول للأول، وأصلحوا أنفسهم، وتركوا من سبقهم، لأن سلفهم عند خالقهم، وهو أرحم بهم من أنفسهم، فما وجه تضييع الجهد والوقت فيما لا طائل تحته؟! ولو نظروا في السنة الشريفة لوجدوا صحيحها ناطقاً باتزان، ناظراً بالتوازن والتكامل، مساوياً بينهم في أكثر الصفات، وواعداً إياهم بالجنات؛ يدل على ذلك الحقائق والمُسلَّمات الآتية:

1- عصرهم عصر الخيرية و الفضل

لا شك أن الإنسان يقتبس من معطيات عصره؛ سليمها وسقيمها، والخلفاء الأربعة نشأوا وتربوا في الخيرية؛ التي اتسم بها عصرهم الزاهر؛ فعَنْ أَبِي جَمْرَةَ قال: سَمِعْتُ زَهْدَمَ ابْنَ مُضَرِّبٍ سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي، ثمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ - قَالَ عِمْرَانُ: فَلا أَدْرِي أَذَكَرَ بَعْدَ قَرْنِهِ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلاثاً - ثُمَّ إنَّ بَعْدَكُمْ قَوْماً يَشْهَدُونَ وَلا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذُرُونَ وَلا يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ)، وعَنْ عَبْدِ اللهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ - فَلاَ أَدْرِي فِي الثالِثَةِ أو فِي الرَّابِعَةِ - قَالَ: ثمَّ يَتَخَلَّفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ، تَسْبقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ)، وإذا كان الخلفاء الأربعة عاشوا في خير القرون؛ فهل يحق لأهل زمن فساد الذمم أن يحاكموا من تربع على أعالي القمم؟! اللهم لا، بل إنه حريٌ بهم أن يحرصوا على الاقتداء بالوئام، بدلاً من الاعتداء بالخصام.