كتاب "العولمة وتاريـخ الصراع مع الغرب"، عندما فاجأت العولمة العالم الإسلامي بظهورها واقتحامها، اصيب المسلمون بالذهول، والكثير اختلطت عليه الأمور ولم يعد يملك القدرة على استيعاب المتغيرات، والاحداث التي سيطرت على الكرة الأرضية اليوم، وبناء على هذا التحدي الخ
أنت هنا
قراءة كتاب العولمة وتاريـخ الصراع مع الغرب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

العولمة وتاريـخ الصراع مع الغرب
ومن هنا تبدو لنا افكار فوكامايا افكاراً سطحية تعكس فراغاً انسانياً متجردا عن الهوية القيمية وعن مقومات الفطرة السليمة وتبدو كذلك انها مستدرجة نحو الوعد الوهمي الذي يحلم به الغربي في الوصول الى دولة الرفاهية الابدية المستغرقة في ملذاتها وشهواتها هذه الدولة التي تهمين على العالم اليوم على وفق ايديولوجية الشيطان - بأمنية وهم السعادة - قد غدت تهديدا للمستقبل واذا كانت نظرية فوكامايا تخالف نظرية هنتغون في تفسيرها لحركة التاريخ الا انها تتفق معها بانها تعكس الغرور الذي يملأ نفس الغرب في استعلائه واعتداده بانويته المتسلطة ورغبة في تدمير الاخر واقصائه كليا عن المشاركة في الحياة الانسانية وعلى هذا الاساس فان فلاسفة الغرب يعدون الاصطدام بالاسلام امرا لا مفر منه وفي اطار نظرية التصادم الحضاري يعتقد هنتغون (ان اخطر صدام سيكون بين الحضارة الغربية وبين الحضارة الاسلامية والصينية) لأسباب منها النمو السكاني للحضارة الصينية والاسلامية والتطور الاقتصادي الاسيوي والطفرة النفطية وزيادة الثروة وظهور قوة البترواسلام ومن الاسباب الاخرى في نظره هو قدرة الصحوة الاسلامية على تجديد الثقة بالاسلام والحضارة الاسلامية والقيم المتميزة التي تجعل المسلمين يشعرون بانهم يملكون بعدا انسانيا لا يملكه الاخر الغربي..وكل هذه العوامل تدفع الغربي للانحياز الى هويته الثقافية ورواسبه التاريخية لأنه لا يستطيع الوصول الى قناعة تسمح له بتقبل الاخر او الاسلام لأن عقل الغربي تمت صياغته على وفق عوامل الصراع عبر التاريخ فكان قرار قبوله ازاحة الاسلام قرارا لا يقبل النقاش. وكانت هذه القناعة التي سيطرت على العقل الغربي سببا في تحفيز المسلمين الى العودة الى هويتهم كذلك، وبدأ المسلمون يتوجهون نحو الاسلام كمصدر للهوية والمعنى والاستقرار والشرعية والقوة والامل، والصحوة الاسلامية تعبر عن (حركة فكرية ثقافية اجتماعية سياسية عريضة منتشرة في معظم انحاء العالم العربي، وهي تيار عام وليست تطرفا متغلغلة وليست منعزلة كما انها في نظرتها الى الاخر تجسد قبول الحداثة ورفض الثقافة الغربية والعودة الى الالتزام بالاسلام كدليل حياة في العالم الحديث).
من هنا فأن تحدي الحضارة الغربية والصراع ضد الاسلام والعولمة الامريكية التي اعلنت الحرب على الاسلام باسم الارهاب من خلال تحالف شيطاني طاغوتي ضم رموز الظلم والخبث والجبن ( امريكا وبريطانيا وكيان اليهود الممسوخ ) وتحالف معهم منافقوا الامة من اهل البدع والفرق الضالة والباطنية. كل هذا التآمر الخبيث يدفع المسلمين الى تأكيد ارتباطهم بنبيهم وقرآنهم والتمسك بهويتهم والتكاتف فيما بينهم فاذا عاد قيصر فان محمدا (صلى الله عليه وسلم) سيعود بأذنه تعالى وصدق العاملين واخلاص المؤمنين وهذا الذي نؤمن به يؤمن به اعداؤنا فإن اليهود يؤمنون بعودة الاسلام ولكنهم يحاولون تأجيل هذه العودة لأنها عودة الى خيبر وذكرياتها التي فيها نهاياتهم ويتوقع قادة الغرب استقراء للمستقبل وبناءً على قراءة التاريخ التي تؤكد لهم بأن الاسلام هو الحضارة الوحيدة التي ستكون مرشحة لازاحة الحضارة الغربية فيرجح هنتغون الرأي (بأن اواخر القرن العشرين شهد انبعاثا او صحوة دينية في انحاء العالم..ونظرته الى المستقبل ترجح انتصار الاسلام اذ على المدى الطويل سينتصر محمد
ان المقارنة التاريخية بين الحضارة الاسلامية والحضارة الغربية تؤكد ان الاسلام انزله الله تعالى ليحكم الناس بالقسط، وكلما كان الاسلام مهيمنا كان الانسان يتمتع بحياة آمنة عادلة وهذا الحال يشمل جميع الناس حتى غير المسلمين وكلما تراجع الاسلام وخضعت الارض لغير سلطان الله انقلبت الموازين وسادت المظالم وضاقت الحياة، وفي ظل مرحلة سلطة الاسلام في عصر الرسالة والراشدين وعصر الحضارة الاسلامية كانت البشرية في اسعد عصورها إذ انتج الاسلام اعظم انجازاته الحضارية في عصره في ظل قيم وتعاليم الاسلام ، وعندما تراجع المسلمون عادت المظالم وسالت الدماء وتهدمت المنجزات الحضارية وعاش الانسان غربة جديدة في ظل سطوة الحركة الصليبية حتى عاد الاسلام على يد صلاح الدين الايوبي الذي اعاد معاني الحرية وانسانية الانسان ولكن سرعان ما تراجعت امة الاسلام واستحكمت فيها الاهواء وفتحت الابواب لعودة قوى الظلم في ظل العصر الحديث منذ حركة الاستعمار حتى صراع القوى العالمية الكافرة واطماعها في بلاد الاسلام وانتهاء بالعولمة التي كانت انعكاسا لرغبة مكبوتة في الغرب وعندما ظهرت العولمة عبر الغرب عن حقيقة هذه الرغبة في فرض نمط حياته على الاخر بالقوة والهيمنة الفكرية التسلطية لكي يشكل عقلية الاخر على وفق استجابة استسلامية كي يتقبل بعدها الهيمنة الغربية على ثرواته ولذلك لم يتردد الغرب في استخدام القوة العسكرية لفرض عولمته وكما يقول د.مصطفى محمود (ان العولمة مصطلح بدأ لينتهي بتفريغ المواطن من وطنيته وقوميته وانتمائه للدين والاجتماع والسياسة بحيث لا يبقى منه الا خادم للقوى الكبرى) والعولمة كايدلوجية صادرة من الغرب تمثل فلسفته ونظرته للحياة والوجود وتمثل احد اوجه الحضارة الغربية في احدث مراحلها، واذا كانت كذلك فإن على المسلمين ان لا ينتظروا منها حلا لمشاكلهم او تغييرا يصب في مصلحتهم، لأن الغرب عندما طور مفهومه للحياة خرج بمفهوم عولمة الاخر لضمان استمرار هيمنته وللاطمئنان على مصالحه ولما كانت هذه المصالح انعكاسا لمكونات الحضارة الغربية سياسيا وايديولوجيا وتعبر عن الواقع الغربي وطموحاته فان هذه المصالح تتناسب مع قوة النظام السياسي المهيمن على الحضارة الغربية وعندما كان عصر الاستعمار عصرا بريطانيا كانت اعلى نسبة فيه لصالح بريطانيا وعندما ظهرت العولمة في العصر الامريكي كان (هدفها تكريس الهيمنة الامريكية ومحو الهويات الثقافية).
واذا كانت العولمة تمثل اعلى نقطة لقوة الرأسمالية او الحضارة الغربية المادية في مفهومها الاستراتيجي والايديولوجي، فأن على المسلمين ان تكون استجابتهم لهذه العولمة استجابة عميقة واعية تدرك خلفية القرار الغربي في ثوابته ومتغيراته والياته الفاعلة ومنطلقاته التي يصدر منها، فإذا استطاع المسلمون ان يستوعبوا هذه الحقائق وان كان هناك شك في قدرة المسلمين اليوم على استيعاب ما يحدث من تسارع في خطوات تهيئة العالم للخضوع للعولمة الامريكية المتحالفة مع اليهودية الصهيونية ولكن لابد من العمل على تحليل عناصر ومكونات العولمة لكي لا يستدرج المسلمون نحو الصراع مع الغرب في معركة غير متكافئة تحقق فيها الالة العسكرية الغربية نصرا سهلا على امة الاسلام يكون مصدرا من مصادر الهام الاعلام الغربي في عملية صد الناس عن دين الله وفتنة الناس في الارض والذي يبدو ان الغرب قد نجح في لعبة الاستدراج واعلن عن حربه على الاسلام باسم الارهاب وحفز الرأي العام الغربي وبالتحالف مع اليهودية العالمية على استحضار العداء التاريخي الصليبي ضد الاسلام ولكي ينسف دور الاسلام في بلاد الغرب ويبرر عملية اعلان الحرب على بلاد الاسلام وتدمير بناها التحتية ومحاصرتنا ثقافيا وصناعيا وحضاريا في محاولة لخنق الامة الاسلامية وتدمير قدرتها على البناء الحضاري.
لذلك على المسلمين اليوم ان يستعيدوا الثقة بالاسلام وان الله لن يتخلى عن دينه وكتابه وبنيه، وعليهم ان يحافظوا على النوع الاسلامي ويخففوا من حدة الخطاب العدائي لكي يأخذوا فرصة اعادة البناء الداخلي مع التكيف للتعايش مع الاخر على اساس استقلال الهوية العقائدية والثقافية والمشاركة الانسانية المبنية على الاحترام المتبادل مع اشعار الاخر بالقدرة على المصابرة والاستعداد والتضحية من اجل ان تبقى وتيرة الاستعداد للشهادة والموت في سبيل الله على فاعليتها في نفوس المؤمنين ومحاولة الاستفادة من الجوانب الايجابية من العولمة التي اتاحت الفرصة للانسان ان يستفيد من منجزات الحضارة الغربية في مجال العلوم والتكنولوجيا، وعلى المسلمين ان لا يتوقفوا من الاقتراب من الاخر على الاسس التي وضحها القرآن الكريم وان يعلو الجانب الحضاري للقيم الاسلامية التي جسدها الرسول الكريم وتحققت في واقع المسلمين في جيل الصحابة من معاني الاخوة واحترام الانسان والحرية والقيم والاخلاق وغيرها من القضايا التي يفتقدها الغرب ويعاني بسبب فراغ المجتمع منها مما يشكل نقطة ضعف واختراق في بنية الحضارة الغربية تمنح المسلمين فرصة التأثير الايجابي في الحياة.

