كتاب "العولمة وتاريـخ الصراع مع الغرب"، عندما فاجأت العولمة العالم الإسلامي بظهورها واقتحامها، اصيب المسلمون بالذهول، والكثير اختلطت عليه الأمور ولم يعد يملك القدرة على استيعاب المتغيرات، والاحداث التي سيطرت على الكرة الأرضية اليوم، وبناء على هذا التحدي الخ
أنت هنا
قراءة كتاب العولمة وتاريـخ الصراع مع الغرب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

العولمة وتاريـخ الصراع مع الغرب
وعندما يفكر الاسلاميون على وفق هذا المنظور فانهم يستحضرون الصراع التاريخي والحقائق الثابتة التي تؤكد الحلف الاستراتيجي بين اليهود والحركة الصليبية، فقد اجمع رؤساء الولايات المتحدة المتعاقبون على استراتيجية ثابتة وهي دعم اسرائيل واستحكام العداء للاسلام والمسلمين (ولقد جسد الرئيس الامريكي الاسبق (ريتشاد نيكسون) في اختصار مشاعر الغرب الصليبي تجاه المد الاسلامي في الشرق الاوسط فقال: (ان الخطر الذي تتعرض له منطقة الشرق الاوسط الان - لا يأتي من قبل الثورة الشيوعية بل يأتي من قبل التوجه الديني المتزمت هناك) وقد سبق نكسون باخوان له يهود رددوا ما يدل على نفاد صبرهم من تجدد الحركات الاسلامية التي تهدد اليهود بالخطر).
كل هذه المعاني مع تنامي الشعور بالاحباط تجاه سياسة الولايات المتحدة المحازة ضد المسلمين في قضاياهم المصيرية كل ذلك ترسب في قاعدة الوعي الاسلامي وشكل الشخصية الاسلامية باتجاه الانحياز العميق في طريق المواجهة والاستعداد لها، مما افرز مجموعات تؤمن بان الطريق الى رضا الله يمر عبر تدمير القوة الطاغوتية الامريكية.
لقد كانت هذه التوجهات الاربعة (تلتقي في قضية واحدة وهي تفجير خط تصاعد القوة الامريكية الذي تنامى وتعاظم وبلغ اقصى مدى له في تجليات قوة العولمة والنظام العالمي الجديد امركة العالم ولكن الولايات المتحدة لم تتوقف وتحلل اسباب الحدث وانما انساقت وراء القوة الدافعة التي كانت تتحرك بها في فرض آليات النظام العالمي الجديد ودارت بصورة سريعة وحددت بصورة واضحة وبدون تردد وتحركت برد فعل عنيف واختارت عدوا كان العقل الغربي مهيأ لتسريع تفجير الصراع معه وحسبته عدوا سهلا يحقق للقوة الامريكية عملية تفريغ للصدمة وانعكاساتها النفسية على المواطن الامريكي بصورة خاصة والمواطن الغربي بصورة عامة، وتحقق القوة الامريكية من خلال العملية الاستعراضية التي ستقوم بها القوات الامريكية وحليفتها البريطانية اعادة الصورة التي انهارت نتيجة صدمة الحدث فتكون العملية رد اعتبار للنظام العالمي الجديد. وكان هذا العدو الذي اختارته امريكا لتفريغ عملية الانتقام هو الاسلام حيث اعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا ان المسؤول عن الحدث هم المتطرفون الاسلاميون وتحديدا جماعة القاعدة وهو تنظيم اسلامي يقوده اسامة بن لادن ويتركز وجوده في افغانستان، فكان هذا التحديد اعلانا لبداية الحرب ضد التطرف الاسلامي او ما يسمى بالارهاب ولم تمر فترة طويلة على الحركة الاعلامية وتهيأة العالم لتلقي الحدث القادم حتى اعلنت الولايات المتحدة حربها على الارهاب ضمن استراتيجية التحالف التي تبنتها عند اعلان الحرب على العراق ودخلت بريطانيا في هذه الحرب وبدأت الحرب على نظام طالبان في افغانستان في 7/10/2001، ثم تتابعت الاحداث لتتم ازاحة طالبان وترشيح بلدان اخرى لضربة مماثلة لما حصل في افغانستان على اساس ان هذه البلدان تشكل خطرا على النظام العالمي الجديد لانها تساعد الارهاب او تأوي ارهابيين على حد تعبير رئيس الولايات المتحدة.
لقد كان اعلان الحرب من طرف امريكا وتدشين القرن الحادي والعشرين بحرب غير متكافئة بحيث لا توجد مقارنة بين امريكا وافغانستان لقد كانت هذه الحرب اصدق تعبير عن الفراغ الانساني والقيمي وعن سيكولوجية الظلم والطغيان والاستخفاف بالانسانية في ظل العولمة او النظام العالمي الجديد الذي تقوده امريكا وتفرضه على العالم كله مستخدمة الامم المتحدة ومجلس الامن كمؤسسات دولية تنفيذية لفرض المعايير الامريكية على العالم.
لقد كانت هذه البداية المأساوية للقرن الحادي والعشرين خسارة كبيرة للانسانية التي كانت تقترب من الحوار والتعايش فكانت الحرب قد نسفت مشروع الحوار الحضاري واكدت على خيار القوة الذي يعبر عن الافلاس من القيم وغياب الحكمة والعقل وتغليب لغة الدمار والموت، وهذا الطريق يتوافق مع مصالح اليهود والحركة الصهيونية التي كانت تتمنى دخول امريكا كطرف واضح ومعلن في الصراع ضد الاسلام والمسلمين، ومع حقيقة وجود الاطراف التي كانت مرشحة للقيام باعمال ضد الولايات المتحدة او مراكز القوى في الارض لكي تدفع القضية باتجاه اهدافها او تتوافق مع ايدلوجياتها فان الولايات المتحدة اعلنت منذ اللحظات الاولى ان المسؤولية يتحملها الاسلاميون المتطرفون واستبعدت الاشارات والدراسات والتقارير كانت تتوقع مثل هذه الاعمال من الاطراف الاخرى (فقد حذر لويس فرية مدير عام مكتب التحقيقات الفيدرالي من ان المتطرفين الانجيليين واعضاء الجماعات الدينية والرؤيوية - اي التي تستند الى التنبؤات ورؤى الانبياء - قد يتحولون الى العنف مع حلول القرن الحادي والعشرين وقال : ان احتمال حدوث اعمال عنف من جماعات محلية وارد مع قدوم عام 2000م قد تجنح هذه الجماعات الى العنف بهدف افتعال احداث مثيرة تستغلها لتحقيق النبوءات التي تؤمن بها) .
والواقع يشير الى قيام مجموعة من مناهضي العولمة بتحديات في سياتل وغيرها من مراكز القرار العولمي وقد افرزت هذه المظاهرات قتلى وجرحى بين المتظاهرين والشرطة وكذلك قيام بعض المتطرفين الانجليين بتفجيرات في الولايات المتحدة كما تعرضت بناية مركز التجارة العالمي الى تفجير قام به احد المتطرفين الانجيلين في 1996 وتشير بعض الدراسات الى ان هذا التفجير كان ملهما للجماعات الصهيوينة لتدبير عملية (11 ايلول) ونسب موقع الانترنيت الى السناتور (اورين هانس) قوله (ان هجوم الارهابيين على الولاياتالمتحدة هو امر حتمي) ويعني بالارهابي (الانجيلي المتطرف والاسلامي المتطرف).
اما اليهود فان الشكوك حامت حول وجود اثار صهيونية محتملة في تدبير التفجيرات ولاسيما بعدما اثيرت قضية تغيب اليهود عن الدوام في يوم التفجير غاب اكثر من اربعة الاف يهودي بحجة احتفالهم باحد اعياد اليهود وهناك اشارات تسربت عبر الاخبار تؤكد ان بناية مركز التجارة العالمي قد بيعت قبل التفجيرات بفترة قصيرة، ومع ظهور بعض الاسلاميين من الخاطفين يؤكدون مسؤوليتهم واشار اسامة بن لادن الى ما يعطي دلالة واضحة ولكن ليست صريحة تؤكد ان الخاطفين لهم علاقة بتنظيم القاعدة ولكن تسارع الاحداث والغموض الذي احاط باعلان قوائم اسماء الخاطفين ومن ثم الاضطراب في المعلومات وغياب الدقة في ذكر الاسم حتى قيل ان الاسماء بعد ان اعلنت تم سحبها من الحاسبات الموجودة في المطارات التي تحوي قوائم اسماء المغادرين والمسافرين، كل هذه الارتباكات في المعلومات حول منفذي العملية مع التعتيم من الاعلام الغربي واضطرابه حتى ان بعض الاسماء التي ذكرت ظهرت فيما بعد وقيل بأن هذه الاسماء لا تمثل اشخاصا حقيقيين مع كل هذه التعقيدات ونقاط الضعف في تحديد هوية الخاطفين مما يستدعي الحذر والبحث الدقيق والتأني في اتخاذ اي اجراء سواء في الاعلان ام في خطوة على ارض الواقع.
لكن سياق الاحداث تطور بشكل متسارع باتجاه القاعدة وطالبان واعلان الولايات المتحدة الحرب على الاسلام باسم الارهاب، ومع ضرورة التعامل مع الحدث بموضوعية إذ تشير الدلائل التي عرضها الاعلام المسموح به والمسيطر عليه الى قوة الادلة حول اتهام الاسلاميين الا ان الخبرة التاريخية في التعامل مع اليهود مع غموض التنفيذ اضف الى الغموض الطبيعة البشعة للعملية التي صورت الخاطفين بصورة اجرامية قاتلة متعطشة للقتل والدماء يتعارض مع الرحمة والانسانية المعروفة لدى المسلمين وفي تعاليم الاسلام.
ومع هذه المسائل التي اثيرت والتي تبعث على اعادة النظر في الاحداث واعادة تحليل سياقات العملية وما بثه حولها مع هذا نعود لنتساءل كيف وظفت العملية بكل تفاصيلها وحلقاتها لصالح الصهيوينة واليهود في فلسطين ؟ فإنه لم يحدث في التاريخ اجماع مسيحي غربي اجتماعي وسياسي لتأييد اليهود واجماع مسيحي صليبي ضد الاسلام كما حصل بعد التفجيرات، ومع ان الحروب الصليبية كانت قائمة على الاجماع الكاثولوكي ولكن لم يكن هذا الاجماع بالعاطفة والتوحد كما حدث بعد احداث ايلول.
كل ذلك يدعونا الى اعادة النظر في قراءة احداث ايلول، ومع قناعتنا بأن طبيعة الحدث متداخلة ومعقدة الا انا نرجح استنادا الى ما ذكرنا وما عرف عن اليهود من تاريخ طويل في توريط واستدراج العالم الى حروب كارثية ومدمرة كما حدث في الحربيين العالميتين نعود لنرجح بأن هناك احتمالية لاختراق اليهود للاسلامين ومن الممكن انه تم استدراج بعض الاسلاميين واقناعهم باهمية العملية واثرها في تغير معالم مراكز القوى في العالم والتخلص من الهيمنة الامريكية، وغيرها من المبررات التي ليست بعيدة عن ذاكرة كل مسلم يعيش الظلم الامريكي كل يوم في فلسطين والعراق والعالم الاسلامي الجريح اضف الى ذلك تصريحات المسؤولين الصهاينة اكثر من مرة حول اشراك امريكا مع اليهود لخوض حرب ضد الاسلام فقد ذكر نتنياهو في مقابلة لصحيفة ها ارتس في 22/11/1996: ان عالم القرن القادم سيكون متعدد الاقطاب وغير مستقر وسنتعرض الى خطرين رئيسيين الخطر الاول يأتي من داخل الفلسطينين، اما الخطر الثاني فيتمثل في التهديد الاسلامي من خارج فلسطين ويتمثل الحل بالنسبة للتهديد الاول في ان نخلص الفلسطينيين من حلمهم فمن الضروري ان يتخلصوا من فكرة الخلاص وفيما يتعلق بالخطر الثاني فلا اعتقد انه يوجد حل سهل واعتقد ان حل هذه القضية بعيد عن اسرائيل!).

