كتاب "العولمة وتاريـخ الصراع مع الغرب"، عندما فاجأت العولمة العالم الإسلامي بظهورها واقتحامها، اصيب المسلمون بالذهول، والكثير اختلطت عليه الأمور ولم يعد يملك القدرة على استيعاب المتغيرات، والاحداث التي سيطرت على الكرة الأرضية اليوم، وبناء على هذا التحدي الخ
أنت هنا
قراءة كتاب العولمة وتاريـخ الصراع مع الغرب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

العولمة وتاريـخ الصراع مع الغرب
وتبدو الاحداث ضمن هذا السياق للمشاهد وهو ينفعل مع الحدث المنقول اليه عبر الشاشة وكأنه جزء من منظومة المصفوفة على حـد تعبيـر سيناريو فلم الـ (MATRIX) وهكذا يتم غلق ملف الوعي الذاتي والاستسلام امام زيف ماكنة الاعلام.
وفي عمل متصاعد في غرف مظلمة تبث المعلومات المفبركة عبر وسائل الاعلام والوسط المعلوماتي (الاقمار الصناعية - الحاسبات - الانترنيت) سجلت العولمة موقعها المركزي في الارض وثبتت مركزيتها على حساب اكتساح المراكز الاخرى واستقرت في عقل الانسان المعاصر بدون استئذان ولم يعد للفكر المتلقي الحق في ان يقبل العولمة او لا يقبلها وانما التحليلات السائدة اليوم تركز على كيفية تقبل العولمة والتفاعل معها، وبناء على ذلك نستطيع القول ان العولمة تأسست على قاعدة الصراع ونضجت ضمن مفهوم الهيمنة والانحياز الى المصلحية ومشاركة قائمة على تخطيط القوى العظمى لفرض سطوتها وتحقيق مصالحها على حساب الدول الفقيرة والمستضعفة، وعندما ظهرت العولمة على ارض الواقع كان ظهورها تأكيدا لهذه المعاني التي تعكس مفهوم ان العوملة اعلى مراحل الامبريالية ولكن هذا الظهور كان مصاحبا لتفعيل الاساليب البراغماتية التبريرية لتغطية الجوانب الموحشة والمشوهة للعولمة في محاولة لفرض هيمنة الخطاب الامبريالي الذي يؤمن بازدواجية القوة/المعرفة ويتمركز على معايير عقلانية صنعته وفي مواجهة هذا الخطاب قامت الحركة العقلانية الغربية بفضح تداعيات ما بعد الحداثة وانعكاساتها الخطيرة في اشاعة العدمية وفقدان التوازن لدى المجتمع الغربي فضلا عن الانعكاسات التدميرية للعالم النامي وتحديدا المجتمع العربي المستهدف الاساس من قبل الدوائر الغربية التي تديم وتزيد من فاعلية الصراع ضد الاسلام والعرب ضمن توجهات الحلف المصلحي بين الامبريالية والصهيوينة وفي هذا السياق يذكر كرستوفر في معرض دفاعه عن ادوارد سعيد في تأسيس خطابه ضد الاستشراق كمؤسسة غربية تخدم المصالح الامبريالية ضمن دوائر تراكم الخبرة حول الشرق وتوظيف هـذه الخبرة في تغذية عوامل الصراع فيقـول (ان هدف ادورد سـعيد هـو اظهار الطبيعة المزيفة (False) - الكاذبة لمجمل ما يمرر على انه حكمة اكاديمية غربية حيال التاريخ العربي والقيم السياسية والثقافية العربية وهو يفعل ذلك من موقع مدعم بمعرفة افضل (اكثر عمقا وشمولية) للمصادر الوثائقية.. ويستحضر سعيد تلك الاحكام المسبقة والدوافع الهستيرية والبلاغة الابتزازية وتأكيدات عمياء غير موثقة الخ. والتي تسجل حضور رغبة عارمة باختلاق صورة عن الشرق تتماشى مع مصالح الغرب السياسية ومعتقداته). ونعود لتؤكد ان حرب الخليج تقدم نموذجا جاهزا للطريقة التي تم من خلالها استغلال هذه الفبركات الثقافية الجاهزة - الراسبة في العمق - ووضعها في خدمة الحملة الاخلاقية ذات اللكنة العنصرية الثابتة.
ان استحضار هذه المعاني يؤكد انحياز الغرب ضد الاسلام وان هذا الانحيـاز مترسب في لا وعي الغربي سواء كان في دائرة صنع القرار ام كان في العقل الجمعي للشارع الغربي، مما يرجح لدينا الاستمرار في تصعيد لغة الصراع واهمال المحاولات المنبثقة من الواقع الغربي والتي تنادي بالحوار وتغليب الجانب الانساني على العنصري النفعي، وهذا يؤكد ان صياغة العولمة كمرحلة لما بعد الامبريالية يلغي احتمالية استفادة الشعوب النامية من التطور في مجال العلوم التكنولوجيا الذي تملكه القوى الكبرى لأن قيم الدول الكبرى هي قيم امبريالية تحددها المصالح ودوافعها التسلط والطغيان وان التلويح بفوائد العولمة يذكرنا بما عرضه الاستعمار الغربي لقادة الشعوب العربية والسياسيين العرب في بداية عصر النهضة وما اتفاقات الشريف حسين - مكماهون الا صورة معبرة بوضوح لعقلية الغربي ونظرته الى الشرق، وما فعله نابليون في حملته على مصر صورة اخرى من صور فرض الهيمنة الثقافية والسياسية للغرب على الغرب، وكل هذه المحاولات كانت شعاراتها الحلول والخلاص لهذه الشعوب من التخلف والضياع ولكن الحقيقة كانت مخالفة تماما لما كان يلوح به قادة الغرب والنتيجة كانت واضحة ولا تحتاج الى اعادة التذكير بصفحاتها المحزنة من التدمير الغربي لبلاد العرب وفرض الهيمنة والتدخل المباشر في شؤون العرب وحرمانهم من الاستقلال السياسي والاقتصادي، وبذلك نستطيع القول (ان تحليل الجذور التاريخية لظاهرة العولمة يوضح قيامها، فقد بدأ مفهوم رأس المال في البزوغ مع تهميش السلطة وتزايد حركة التجارة الذي اسهم في كسر العزلة الاقتصادية على صعيد الكرة الارضية، وقد شهد القرن التاسع عشر اوج الاقتصاد ولم يكن قد بلغ حد العولمة، ويرى فوكوياما المستشار الاستراتيجي والمخطط للسياسة الامريكية الخارجية ان انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكيك المنظومة الشيوعية لم يضع حدا للصراع التقليدي فحسب وانما وضع نهاية للتاريخ ايضا، باعتباره الى الان تاريخ صراعات مريرة مدمرة ولقد حاول صموئيل هنتكتون المحاضر في جامعة هارفرد باميركا تجاوز فلسفة النهايات التي اكتملت عند فوكو بالاستقرار عند الرأسمالية العالمية وبحتمية الليبرالية كمصير للشعوب الى حتمية صراع الحضارات التي هي اخر طور اي الحلقة الاخيرة في سلسلة تطور الصراع ويرى ان التاريخ لن ينهض وان الصراع الحقيقي لن يختفي وانما سيكتفي كل منهما يتغيير مصادره واتجاهاته بالتحول من صراع دول ومجتمعات وطـبقات الى صراع
ثقافات وحضارات).
وهكذا يرى منظرو العولمة من خلال النظر الى الصراع هو ان العولمة تؤكد مفهوم الصراع وتوظفه ايديولوجيا في حين ان الاسلام مع اعترافه بالصراع والاختلاف ولكنه يتحرك من خلال تعاليمه الى تجفيف منابع الصراع والقضاء على مراكز القوى الظالمة التي تعيد انتاجه، ويعمل على اقامة العدل والسلام في الارض. وبذلك يجد الاسلام واقعية عدالته.

