أنت هنا

قراءة كتاب حياتي مع بيكاسو

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حياتي مع بيكاسو

حياتي مع بيكاسو

كانت الطبعة الأولى من ترجمتي لكتاب حياتي مع بيكاسو تأليف فرنسواز جيلو، وكارلتون ليك، قد صدرت في بغداد عام 3 9 9 1 عن دار المأمون للترجمة والنشر، دون إشرافي ومراجعتي، لأنني كنت مقيمة خارج العراق.

تقييمك:
4
Average: 4 (1 vote)
الصفحة رقم: 2

مقدمة الطبعة الثانية

كانت الطبعة الأولى من ترجمتي لكتاب حياتي مع بيكاسو تأليف فرنسواز جيلو، وكارلتون ليك، قد صدرت في بغداد عام3 9 9 1 عن دار المأمون للترجمة والنشر، دون إشرافي ومراجعتي، لأنني كنت مقيمة خارج العراق. وجاءت تلكالطبعة مليئة بالأخطاء، مما جعلها غير صالحة للتداول، كما جعلها عرضة لنقد حاد، جاء على صواب في أغلبه، إذااستثنيت ما مسني منه شخصيًا. وقد اضطررت إلى الطلب من الدار سحب النسخ، وعدم التداول بها. وكان الكتاب، علىالرغم من ذلك قد لاقى رواجًا كبيرًا، وقد تلقيت عليه من الشكر بقدر ما تلقيت من الاتهامات. وبقي في عنقي دين لا بد من
الإيفاء به لكل من أحب الكتاب أو لم يحبه.وأثناء مراجعتي للكتاب، وتصويبه، لاحظت من جديد، وربما بعين أشد وعيًا من السابق، القيم الفنية الكبيرة التي تضمنها
من خلال نقل أقوال فنان يعد بلا منازع أكبر قوة فنية مؤثرة في العالم مرت بالقرن العشرين. ففن بيكاسو يحتوي كلالحضارات، وهو حلقة وصل بين عصور متباينة، وهو وإن كان نقطة تحول حاسمة بين الكلاسيكية والحداثة، فإنه أيضًانقطة انطلاق نحو آفاق لا حدود لها من التمرد على المفاهيم الفنية المتوارثة. وكان بيكاسو قد أدرك، منذ العقد الأول منالقرن العشرين، خطورة هذا التوجه الذي قد يقود إلى الفوضى، واختلاط القيم، وهو ما حصل فعلا، فأراد أن يوجد قوانين
بديلة، فابتكر مع زملائه، ما عرف بالأسلوب التكعيبي، ولكنه أدرك أن الطريق له مسار واحد، وهو المضي قدمًا. وكانبيكاسو، الذي صدم العالم برؤيته الحديثة، وأربك أبصارهم، وزعزع مفاهيمهم، هدفًا للثورة الفنية التي أعقبت الحربالعالمية الثانية، واتهمته بالرجعية فكرًا وأسلوبًا. لقد توفي بيكاسو في عام 3 7 9 1، فيا ترى لو قدر له أن يعيش إلىاليوم، ويرى ما آلت إليه حرية التعبير، مادة وشكلا ومضمونًا، فماذا سيقول؟ما زال الغرب يحتفي بهذا العبقري الذي أصبح جزءًا من تاريخ العالم، وما زالت المكتبة العربية تفتقر إلى معرفة الكثيرعن منجزاته، وعن عبقريته الفنية، وحبذا لو تكون هناك مساهمات أخرى تعزز من هذه المعرفة، وتكشف عن قيمة الأسسالمتينة التي قامت عليها العبقريات، وتقوم.
مـيّ مظفّـر
البحـرين: حزيران 0 0 0 2

تمهيد

تابعت أعمال بيكاسو وحياته عن كثب على مدى سنوات كثيرة، شأن الكثيرين المهتمين بقضايا الفن المعاصر، وحاولت أنأراه من خلال عيون أكبر عدد ممكن من الذين كتبوا عنه، وكانت أولاها عيني (فيرناند أوليفيه Fernande Olivier)،رفيقة بيكاسو في أيامه المبكرة التي أمضاها في (باتو لافوار Bateau Lavoir) في مونمارتر، والتي نقلت إليَّ عقبسنوات لاحقة، ذكريات حلوة مرة عن تلك الأيام، وذلك حين كانت تأتي إلى دارنا في باريس، لتدريس زوجتي اللغة
الفرنسية.وقبل حوالي اثنتي عشرة سنة، وصفت لي (أليس توكلاس Alice Toklas) زيارة قامت بها مؤخراً لبيكاسو وفرنسوازجيلو في منطقة (ميدي)، وتحدثت عن فرنسواز بقليل من الثناء بكل تأكيد، غير أنها على عكس ما أرادت، استطاعت أنتقنعني من خلال حديثها المسهب، بأن فرنسوا جيلو كانت شخصية مثيرة جداً للاهتمام، وبعد عدة أشهر، شاهدت أحدىلوحاتها معلقة في (معرض مايس Salon de Mai)، فازداد اهتمامي بها أكثر، غير أن ذلك كان قبل أن ألتقيها ببضع
سنوات.وفي أثناء عملي على موضوع رئيسي عن بيكاسو لمجلة (أطلانتك) الشهرية، عام 6 5 9 1، تحدثت إلى فرنسواز جيلوللمرة الأولى، وقب أن ننهي حديثنا بوقت طويل من بعد ظهر ذلك اليوم، أدركت بأنها كانت تكن إعجاباً متناهياً لفكربيكاسو، وعمله، بل كان أعجابها به أعمق وأصدق من إعجاب أي انسان آخر قابلته. ومنذ ذلك الحين، تبادلنا على مدىالسنوات، أحاديث كثيرة عن بيكاسو وعمله. وعندما كنا نتناول الغداء في (نوي)، ذات يوم من أيام شهر كانون الثاني
القاسية، اكتشفنا بأننا كنا نعمل لتحقيق هذا الكتاب.ومن خلال عملنا عليه، كنت شديد الإعجاب بقدرتها على التذكر إلى الحد الذي يمكن أن ينطبق عليها مصطلح الاستذكارالشامل، الذي أسيء استخدامه إساءة بالغة، لقد أدركت فرنسواز بكل دقة ما قالته وما قاله بيكاسو، في كل خطوة على مدىالسنوات العشر، أو ما يزيد قليلاً، التي قضتها معه، وكانت الأقوال المباشرة التي أدلى بها بيكاسو، متطابقة تماماً مع كل ما
قالته.تقصيت معها مرات ومرات، أثر خيوط تلك الحكايات الكثيرة، وكنا في كل مرة نتناولها من زاوية مختلفة، فنمحصها إلىحد تقصي أدق اللمسات المتعلقة بتكوين الجملة والأسلوب، والاستخدامات المجازية - على الرغم من مرور أسابيع، بلأشهر، بين مناقشتنا الأولى للموضوع وعودتنا إليه، وعلى امتداد هذا المسار، تبين أن الكثير من النقاط التي كان بيكاسو قدتناولها معي مباشرة بشيء من التفصيل في (كان)، بعد عيد ميلاده الخامس والسبعين، والتي كنت قد أدرجتها بحضورهحينذاك، ظهرت ثانية في الحوار الذي دار بيني وبين فرنسواز جيلو، وبالصيغة ذاتها تماماً، مع اختلاف واحد فقط وذلك
أنّ فرنسواز كانت تتكلم بلسان بيكاسو.كما أصبح من الممكن إجراء المزيد من التدقيق والسيطرة على المعلومات، بعد أن سمح لي بالاطلاع على رسائل بيكاسو
التي بعثها إليها، وعلى ملاحظاتها الخاصة ويومياتها عن تلك المرحلة، وغيرها من الوثائق الكثيرة المتعلقة بهذاالموضوع، فقد كانت هناك ثلاثة صناديق مليئة بهذه الوثائق، كانت قد نجت بمعجزة من المصير الذي آلت اليه الممتلكاتالشخصية الأخرى التي احتوتها دارها في جنوب فرنسا عام 5 5 9 1، إذ كانت هذه الوثائق مخزونة في غرفة على سطحالدار.
كارلتون ليك

الصفحات