لقد دار خلاف بين الباحثين حول ما اذا كان العصر المملوكي العثماني عصر ركه وضعف ام عصر قوة في مجال الادب، فمنهم من ذهب إلى ان العصر المملوكي والعثماني كانا عصري ضعف ما بعده ضعف ومن هؤلاء عمر الدسوقي في كتابه "في الادب الحديث" يقول": "ظلت مصر وبلاد العروبة ثلا
أنت هنا
قراءة كتاب مذكرة في النثر الأدبي الحديث
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
تطــور النثر الادبي في العصر الحديث
لقد اصابت الوطن العربي نهضة ادبية شملت كافة انشطة الحياة الادبية والثقافية بدات منذ نهايات القرن الثامن عشر. ولقد كان حظ مصر من هذه النهضة كبيرا خاصة أو كثيرين يؤرخون لبداية العصر الحديث والنهضة الحديثة بدخول قوات نابليون إلى مصر 1798م.
هذه القوات التي جلبت معها كثير من وسائل التقنية الحديثة كمرات النهضة الأوروبية إلى مصر فاحدثت نشاطاً ثقافياً كبيراً.
ولقد ساعد النشاط الثقافي هذا في الانتعاش الفكري بصفة عامة خاصة في النصف الاول من القرن التاسع عشر والذي اتى اكله في نهايات ذاك القرن.
ولابد من الاشارة إلى الدور الكبير الذي اضطلع به رفاعة الطهطاوي والذي يعد عند كثير من الدارسين اول شيخ متنور في العصر الحديث في الوطن العربي.
لقد سافر الطهطاوي كراعي وامام لاول بعثة من الطلبة المصريين إلى باريس عام 1827، ووقف هناك بنفسه على منجزات الحضارة الغربية الحديثة والتي كانت باريس مركز شعاعها وكتب هناك بعض المؤلفات ياتي على راسها كتابه "تخليص الابريز في تخليص باريز".
كان الطهطاوي واحداً من المع العقول العربية التي اتصلت بالفكر التحرري الغربي واعمقها، لقد استطاعت افكار عصر التنوير الفرنسي ان تترك اثراً لا يمحى على ذهنه وبالتالي اذهان المصريين.
فقد كان من اوائل المصريين في العصر الحديث الذي تصدى للترجمة من لغة اوروبية إلى اللغة العربية وتخرج على يديه اول جيل من المترجمين المصريين فقد كان مديراً لمدرسة الالسن، وكان فترة من الزمن محرراً للوقائع المصرية، اضافة إلى ترجماته العديدة ومؤلفاته القيمة.
فقد قضى الطهطاوي فترة حياته يكافح في مجال الكتابة النثرية ولكن لسوء الحظ ان العصر الذي ظهر فيه كان عصر سجع ومحسنات لفظية وبديعية فاصطبغت كتابه بهذه الصبغة في معظمها ولكنه استطاع التخلص من هذا الاسلوب عندما تناول موضوعات جدية تماماً أو عند الترجمة.
اما في سوريا ولبنان فقد كان نهضتهما وخاصة في مجال النثر الادبي سابقة للنهضة المصرية على رأي بعض الدراسين.
لقد كان اوائل الذين قدموا خدمات جليلة للنثر الادبي ثلاثة رواد هم: ناصيف اليازجي، أحمد الشدياق، وبطرس البستاني، وكانوا جميعهم من الكتاب اللبنانيين.
فاليازجي كان كاتباً ثائراً شاعراً ولكن الخدمة التي قدمها للادب كانت في مجال النثر واهم اعماله الادبية: مقاماته التي كتبها بعنوان "مجمع البحرين" وهي عبارة عن ستين مقامة تتلخص فيها من التراث الادبي المسيحي اسلوباً وفكراً وانشا صلة قوية مع اسلوب الحريري اشهر كتاب المقامات في الادب العربي.
وقد ساعد بذلك في انتعاش النهضة الشاملة في النثر العربي واللغة العربية وقدم عملاً ادبياً مهماً ساعد في ارساء اللغة العربية في لبنان كاداة للثقافة والتعبير عن النفس على مستوى فني.
أما الاديب احمد فارس الشدياق فيعتبر من اكبر النهضويين والاصلاحيين وكان مزيجاً نادراً من حداثة القرن التاسع عشر وروح الثقافة العربية وكان همه الاول منصباً على اللغة العربية وكان متمكناً منها تمكناً اعترف به كل من اضطلع على كتاباته وربما تفوق في ذلك على الطهطاوي نفسه.
وقد اصدر جريدة تحمل اسم الجوائب عام 1860 في استانبول وسن من خلالها هجوماً مريراً على المجتمع ومثاليه كما انتقد على صفحاتها التقليدية التي كانت سائدة في الادب العربي شعره ونثره فساعد بذلك على دفع مسيرة التجديد التي بدات تنظم الحياة الادبية في الوطن العربي.
أما البستاني احد الرواد الثلاثة فقط وظف جهوده في احياء اللغة فألف قاسموه المحيط وكتب موسوعته العربية "دائرة المعارف" بالاضافة إلى الدوريات التي حررها واعمال اخرى ساهمت جميعاً في خلق النثر العربي الحديث.
ان اللغة عند البستاني يجب ان تكون قادرة على التعبير عن مفاهيم الفكر الحديث بصورة بسيطة، مباشرة، دقيقة من دون الانحراف عن ماضي اللغة الصحيح في النحو العبارة.
هؤلاء هم جيل الرواد الاوائل في الشام ياتي من بعدهم الجيل الثاني من كتاب النثر في سوريا ولبنان يمثلهم عبد الرحمن الكواكبي (1839-1902م) وفرانسيس مراش (1836-1873) واديب اسحق (1858-1885).
لقد كانت نهضة النثر العربي في القرن التاسع عشر كبيرة قام باعبائها هؤلاء الذين ذكرناهم في مصر والشام بالاضافة إلى اخرين أسهموا بجهود كبيرة في هذه النهضة ياتي على رأسهم جمال الدين الافغاني وتلميذه محمد عبده.