أنت هنا

قراءة كتاب البيان القرآني

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البيان القرآني

البيان القرآني

البيان، علم يعرف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 3

الاعجاز البياني

نزل القرآن الكريم يحاور الانسان في كل زمان ومكان بلسان عربي مبين، قال تعالى: { أو لم ير الانسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين، وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحيى العظام وهي رميم، قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم } ، وقال تعالى : { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} .
ولما كان القرآن الكريم قد نزل على قلب رجل من قريش وعلم أمة أمية، قال تعالى : { هو الذي بعث في الأميين رسولاً فهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} ، وسواء أكانت الأمية أمية الكتاب المقدس أو قلة انتشار الكتابة فإن الأمرين متفقان، إذ لو نزل كتاب لأوجد مدارس في الكتابة، لأن الكتابة كانت في الماضي رهناً برجال الدين والاحبار والكهنة، فقد كان لزاماً أن يتغلب على عقبات كثيرة تحد من سرعة انتشار النص وتداوله ، وبخاصة أمية القراءة والكتابة.
قلة انتشار الكتابة يرجع إلى سببين:
أ‌- صعوبة الرسم الكتابي في الحروف العربية، حيث كان العرب في الأقطار التي كانت الكتابة شائعة فيها، اقتبسوا من الابجدية الفنيقية ترتيبها للحروق ، ذلك الترتيب الذي ورثته عنها جميع الابجديات السامية الأخرى مضافاً إليها الأحرف وهي ستة أحرف : ث خ ذ ض ظ غ ، وقد اطلق العرب عليها اسم " الروادف " مؤلفة كلمة " ثخذ خنطغ".
وكانت كتابة الحروف خالية من النقط حتى سنة " 89هـ" حيث استطاع نصر بن عاصم الليثي بأمر من الحجاج بن يوسف أن يدخل النقط إلى الحروف العربية، ولعل هذا يفسر لنا كيف أن شاعراً من شعراء المعلقات كطرفة بن العبد يحمل رسالة إلى والي البحرين وفيها حتفه دون أن يفك الخط، ولعل هذا يفسر كيف أن عائشة وأم سلمة – رضي الله عنهما – كانت تنظران في المصحف ولا تكتبان.
ب‌- صعوبة أدوات الكتابة، فقد كانت أدوات الكتابة بدائية ومعسرة كالرق وهو الجلد والأديم والقماش والسعف وغيرها من الادوات البدائية، إلى أن عرف العرب صناعة الورق سنة " 90هـ" حيث نقلوها عن الصين.
إزاء ذلك وجهت الرسالة الاسلامية الجهود نحو اتجاه جديد لاحتضان الدعوة والحفاظ عليها، لا غرو فقد كان أول ما نزل من القرآن قوله تعالى : { اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الانسان من علق، اقرأ وربك الأكرم ، الذي علم بالقلم، علم الانسان مالم يعلم}.
وواضح أن الاتجاه الجديد كان في الحث على تعلم القراءة والكتابة، بل لقد فدى الرسول (صلى الله عليه وسلم) أسارى بدر مقابل أن يعلم كل واحد عشرة من صبيان المدينة القراءة والكتابة.
وحتى يولى القرآن الكريم نفسه إلى الرواية الشفوية والعلوق بالذاكرة كان القرآن ذروة متسقة من الجمال الفني، على ما احتواه من طرق للموضوعات المختلفة من وعد ووعيد وأخبار وتشريع وقصص ودعوة إلى التفكير ، وما صرفت فيه المعاني القرآنية من استفهام إلى تقرير، ومن استنكار إلى توبيخ إلى تهذيب وتأديب، فقد حافظ على سمت واحد من حيث الجمال والاتساق والذي عبر عنه ابن مسعود بقوله :(صلى الله عليه وسلم)إذا وقعت في آل حم وقعت في روضات دمثان أتأنق فهن ).
فالارقام في القرآن الكريم أكثر جمالاً، قال تعالى : { ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً} ، وقال تعالى أيضاً : { وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية ، سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما، فترى القوم فيها صرعى كأنهم اعجاز نخل خاوية}.
كذلك ترى الجمال واضحاً في التعداد والتفصيل في قوله تعالى : { يوسف أيها الصديق افتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي ارجع إلى الناس لعلهم يعلمون، قال تزرعون سبع سنين دأباً فما حصدتم فذروف في سنبة إلا قليلاً مما تأكلون، ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلاً مما تحصنون، ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون} .

الصفحات