أنت هنا

قراءة كتاب مجمع الأمثال الجزء الأول

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مجمع الأمثال الجزء الأول

مجمع الأمثال الجزء الأول

كتاب مجمع الأمثال الجزء الأول للإمام أبو الفضل الميداني، وهو من أفضل الكتب التي جمعت الأمثال العربية القديمة حيث وصل عددها إلى ما يقارب 5000 مثل عربي قديم، ويعتبر هذا الكتاب مرجع في الأمثال العربية القديمة، عدد صفحاته لا تقل أن ألفي صفحة مقسمة على ثلاثون با

تقييمك:
4.16665
Average: 4.2 (24 votes)
دار النشر: ektab
الصفحة رقم: 4
هذا، ولما تقدر ارتحالي عن سُدَّته، عمرها الله بطول مُدَّته، أشار بجَمْع كتاب في الأمثال، مبرِّزٍ على ما لَه من الأمثال، مشتمل على غَثِّها وسَمينها، محتوٍ على جاهليها وإسلاميها، فعُدت إلى وطني رَكْضَ المنزع شمره الغالي، مشمراً عن ساق جِدِّي في امتثال أمره العالي، فطالعت من كتب الأئمة الأعلام، ما امتد في تقصِّيه نَفَسُ الأيام، مثل كتاب أبي عُبَيدة وأبي عُبَيد، والأصمعي وأبي زَيْد، وأبي عَمْرو وأبي فَيْد، ونظرتُ فيما جمعه المفضَّلُ بن محمد والمفضَّلُ بن سَلَمَةَ‏.‏ حتى لقد تصفحت أَكْثَرَ من خمسين كتاباً، ونَخَلْتُ ما فيها فصلاً فصلاً وباباً باباً، مفتشاً عن ضَوَالِّها زوايا البقاع، مشذِّباً عنها أُبَنَهَا بصارِمِي القَطَّاع، علماً مني أني أمَتُّ به الدينار في كف ناقد، وأجلو منه البدر لطرف غير راقد، يزيده بالنظر فيه رونقاً وبهاء، ويكسبه بالإقبال عليه سَناً وسناء، ونقلتُ ما في كتاب حمزة بن الحسن إلى هذا الكتاب، إلا ما ذكره من خَرَزَات الرُّقَى وخُرَافات الأَعْرَاب، والأمثال المزدوجة لاندماجها في تضاعيف الأبواب، وجعلتُ الكتابَ على نظام حروف المعجم في أوائلها، ليسهل طريق الطلب على مُتَنَاولها، وذكرتُ في كل مَثَل من اللغة والإعراب ما يفتح الغَلَق، ومن القَصَصِ والأسباب ما يوضِّح الغرض ويُسيغ الشَّرَق، مما جمعه عُبَيْد بن شَرِيَّة وعطاء بن مصعب والشَّرقِيُّ بن القُطَامي وغيرهم، فإذا قلت ‏"‏المفضل‏"‏ مطلقاً فهو ابنُ سَلَمة، وإذا ذكرتُ الآخَرَ ذكرتُ اسمَ أبيه، وأفتتح كل باب بما في كتاب أبي عُبَيد أو غيره، ثم أعقبه بما على أَفْعَلَ من ذلك الباب، ثم أمثال المولدين، حتى آتي على الأبواب الثمانية والعشرين على هذا النَّسَق، ولا أعدُّ حرفي التعريف ولا ألفَ الوصل والقطع والأمر والاستفهام، ولا ألفَ المخبِرِ عن نفسه، ولا ما ليس من أَصْلِ الكلمة حاجزاً إلا أن يكون قبل هذه الحروف ما يُلاَزم المَثَل، نحو قولهم ‏"‏كالمستغيث من الرمضاء بالنار‏"‏ أو بعدها نحو ‏"‏المستشار مؤتمن‏"‏ ‏"‏والمحسن مُعَان‏"‏ فإني أورِدُ الأول في الكاف، والثاني والثالث في الميم، وأثبت الباقي على ما ورد، نحو ‏"‏تَحْسَبُهَا حمقاء‏"‏ و ‏"‏بيدين ما أوردها زائدة‏"‏ يكتبان في بابي التاء والباء، وجعلتُ الباب التاسع والعشرين في أسماء أيام العرب ‏[‏ص 5‏]‏ دون الوقائع، فإن فيها كتباً جَمَّةَ البدائع‏.‏ وإنما عُنِيتُ بأسمائها لكثرة ما يقع فيها من التصحيف، وجعلت الباب الثلاثين في نُبَذٍ من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وكلام خُلَفَائه الراشدين، رضي الله تعالى عنهم أجمعين، مما ينخرط في سِلْكِ المواعظ والحكم والآداب‏.‏
 
وسميت الكتاب ‏"‏مجمع الأمثال‏"‏ لاحتوائه على عظيم ما وَرَدَ منها، وهو ستة آلاف ونيف، والله أعلم بما بقي منها، فإن أنفاس الناس لا يأتي عليها الحصر، ولا تَنْفَدُ حتى يَنْفَدَ العصر‏.‏
 
وأنا أعتذر إلى الناظر في هذا الكتاب من خَلَل يَرَاه، أو لفظ لا يرضاه، فأنا كالمنكر لنفسه، المغلوب على حِسِّه وحَدْسه، منذ حط البياض بعارِضِي رحالَه، وحال الزمانُ على سوادهما فأحَالَه، وأطار من وَكْرِ هَامَتِي خُدَارِيَّه، وأنحى على عُود الشَّباب فمصَّ رِيَّه، وملكَتْ يدُ الضعفِ زمامَ قُوَاي، وأسلمني مَنْ كان يَحْطِبُ في حبل هَوَاي‏.‏ وكأني أنا المعنيُّ بقول الشاعر‏:‏
 
وَهَتْ عَزَمَاتُكَ عند المشِيبِ * وما كان من حَقِّهَا أن تَهيَ
 
وأنكَرْتَ نفسَكَ لما كَبِرْتَ * فلا هِيَ أَنْتَ ولا أَنْتَ هِي
 
وإن ذكرت شَهَوَاتُ النفوسِ * فما تشتهي غيرَ أن تشتهى
 
وأعيذه أن يَرِدَ صَفْوَ منهلِهِ التقاطا، ويشرب عَذْب زُلاله نقاطا، ثم يتحزَّم لتَغْوِير مَنَابعه بالتعيير، ويتشمر لتكدير مَشَارِعه بالتغيير، بل المأمولُ أن يسد خَللَه، ويُصْلح زَلَله، فقلما يخلو إنسان من نِسيان، وقلم من طغيان‏.‏
 
وهذا فصل يشتمل على معنى المثل وما قيل فيه‏.‏
 
قال المبرد‏:‏ المثَلُ مأخوذ من المِثال، وهو‏:‏ قولٌ سائرٌ يُشَبَّه به حالُ الثاني بالأول، والأصل فيه التَّشْبِيه، فقولُهم ‏"‏مَثَلَ بَيْنَ يَدَيه‏"‏ إذا انتصب معناه أَشْبَهَ الصورةَ المنتصِبة، و ‏"‏فلان أَمْثَلُ من فلان‏"‏ أي أَشْبَهُ بما لَه ‏(‏من‏)‏ الفضل‏.‏ والمِثالُ القِصاصُ لتشبيه حالِ المقتَصِّ منه بحال الأول، فحقيقة المَثَلِ ما جُعل كالعلم للتشبيه بحال الأوَّل، كقول كعب ابن زهير‏:‏
 
كَانَتْ مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ لَهَا مَثَلاً * وَمَا مَوَاعِيدُهَا إِلاَّ الأبَاطِيلُ
 
فمواعيد عرقوب عَلَم لكل ما لا يصح من المواعيد‏.‏
 
قال ابن السِّكِّيتِ‏:‏ المَثَلُ‏:‏ لَفْظٌ يخالفُ لفظَ المضروب له، ويوافق معناه معنى ذلك اللفظ، شَبَّهُوه بالمثال الذي يُعْمَلُ عليه غيره‏.‏
 
وقال غيرهما‏:‏ سُمِّيت الحكَمُ القائمُ صدقُها في العقول أمثالا لانتصاب صُوَرِها في العقول، مشتقَّة من المثُول الذي هو الانتصاب‏.‏
 
وقال إبراهيم النظام‏:‏ يجتمع في المثل أربعة لا تجتمع في غيره من الكلام‏:‏ إيجاز اللفظ، وإصابة المعنى، وحُسْن التشبيه، وجَوْدة الكناية، فهو نهاية البلاغة‏.‏
 
وقال ابن المقفع‏:‏ إذا جعل الكلام مثلا كان أوضح للمنطق، وآنَقَ للسمع، وأَوْسَعَ لشُعُوب الحديث‏.‏
 
قلت‏:‏ أربعة أحرف سمع فيها فَعَلٌ وفِعْلٌ، وهي مَثَلٌ ومِثْلٌ، وَشَبَه وَشِبْه، وَبَدَل وبِدْل، ونكَل ونِكْل، فمَثَلُ الشئ ومِثلُه وشَبَهه وشِبْهُه‏:‏ ما يماثله ويشابهه قدراً وصفةً، وبَدَل الشيء وبِدْلُه‏:‏ غيره، ورجل نَكَل ونِكْل للذي ينكل به أعداؤه‏.‏ وفَعيل لغةٌ في ثلاثة من هذه الأربعة، يقال‏:‏ هذا مَثِيله وشَبِيهه وبَدِيله، ولا يقال نكيله، فالْمَثَلُ ما يُمَثَّلُ بِهِ الشيء‏:‏ أي يُشّبَّه، كالنَّكَل من يُنَكًّل به عدوّه، غير أن المِثْلَ لا يوضع في موضع هذا المَثَل وإن كان المَثَلُ يوضع موضعه، كما تقدم للفرق، فصار المَثَل اسماً مصرحاً لهذا الذي يضرب ثم يردُّ إلى أصله الذي كان له من الصفة، فيقال‏:‏ مَثَلُكَ ومَثَلُ فلانٍ‏:‏ أي صفتك وصفته، ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏مَثَلُ الجنَّة التي وُعِدَ المتقون‏}‏ أي صفتها، ولشدة امتزاج معنى الصفة به صح أن يقال‏:‏ جعلتُ زيداً مثلا، والقوم أمثالا، ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ساء مثلاً القومُ‏}‏ جعل القوم أنفسهم مثلا في أحد القولين، والله أعلم‏.

الصفحات