أنت هنا

قراءة كتاب أم الكتاب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أم الكتاب

أم الكتاب

التكرار فنّ قولي من الأساليب المعروفة عند العرب، بل هو من محاسن الفصاحة. يقول الجاحظ مبيّنًا الفائدة منه: "إن الناس لو استغنوا عن التكرار وكفوا مئونة البحث والتنقير لقلّ اعتبارهم.

تقييمك:
4.57145
Average: 4.6 (7 votes)
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 1

المقدمة

الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه، ورفع قدر العلم وعظمه، ووفق للتفقه في دينه من اختاره وفهمه .أحمده كثيرا عدد خلقه وكلماته، وملء أرضه وسمواته، وأسأله الصلاة على نبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وعلى آله أجمعين وعلى جميع النبيين والمرسلين، وسلم تسليما .
فإن غرضي في هذا الكتاب أن أثبت فيه على جهة التذكرة للناس ما أرسل به رسول الله - ص - مهما تعاقبت الأحوال والأعوام ليكون القرآن إمامنا وقدوتنا فذكر الله تعالى هو تذكر عظمته وجلاله وجماله ونعمه .
إذ لا منعم سواه، وكل نفع يجري على يد غيره فهو الذي أجراه، وكل خير يصل إلى بعض مخلوقاته من بعض فهو الذي قدره وقضاه، يا من هو المحمود المشكور على الحقيقة، فاعلم يا طالب الحق أن هذا كتاب تنشرح له صدور قوم مؤمنين، بما اشتمل عليه من الفوائد والمعارف، وإيضاحه الكافي لفاتحة الكتاب، وأسأل الله العون والقبول في ان انقل المفيد النافع لأكبر عدد من حولي، فلم يزل عليه السلام يدعو بها وإليها ويأخذ بالمختلفين على طريق مستقيم ويقربها للقلوب، جعلنا الله من العاملين بما علمنا، وأعاننا على تفهيم ما فهمنا.
إنها من كلام الرب ولا يملها الإنسان مهما كررها، وإن قراءتها بركة وثواب في كل الأحوال، وإن قراءة آية واحدة مع التدبر والخشوع، خير لك من قراءة ختمة مع الغفلة والخنوع.
ان هدفي من هذا الكتاب هو معالجة الشعور الإسلامي المنحدر باتجاه الجاهلية، وان محاولة تفسير هذه الظاهرة، وكشف أسرارها ومعرفة بواعثها الخفية، لا يكون إلا بالرجوع إلى القران الكريم للتخلص من استبداد الجاهلية التي لا تلبث ان تتعامل معنا تعامل خطير خبيث، وان القلوب الحائرة والنفوس الخائنة هي التي تبث الخور والضعف في الصفوف، وتحاول ان تغرس في داخلنا الإحساس بسيطرتها علينا، وعلى العالم اجمع.
وبما ان القرآن العظيم قد جمع في الفاتحة، فما أسهل أن نفهمه فهما يسيرا سهلا، يتمثل بإحاطة الله لكافة خلقه لمواجهة الجاهلية وإحساسها بتضاؤل العالم أمام ظواهرها المتعددة، وبالمفهوم الدقيق و الشامل لتلك الظواهر لتكون فاتحة الكتاب حرزا حقيقا شافيا أمام ضعفنا وسوء حالنا على المستويين الفردي والجماعي.
والفاتحة بما تمثله من معاني كبيرة، تعتبر الأساس الحقيقي والعمود الفقري للتصدي لظواهر الاستضعاف والتراجع والتضاؤل والنكوص الحاصل، وهي القادرة على توجيه النشئ، توجيها عمليا و حركيا بصفتها ام القران العظيم.
وبذلك فهي الصفة الشرعية لمنهج الدعوة، شرعت لتذكير الإنسان بذلك الشعور بالسلطان الإلهي الأعلى، الذي هو روح العبادة وسرها، وعند هذا لا يحمد أحدا على فعل إلا الله، ولا يتوجه قلبه في طلب أمر من الأمور إلا إلى الله، فيصير الحمد كله لله، والثناء كله لله.
ان عدونا الحقيقي هو علاقتنا بالجاهلية، ولا يتعمق احساسنا بالحرب على هذا العدو إلا من خلال فهمنا الدقيق لمعاني فاتحة الكتاب، لكي لا نكون ضعفاء امام جنود ابليس المؤمنين بالولاء و الانتماء والطاعة للجاهلية، التي توجه سهامها للقلوب.
ان الجاهلية لا تخضع لأي الزام شرعي، ولا يكون اخضاعها الا بالعلم، ولا يكون العلم الا بفاتحة الكتاب ام القران العظيم، فهي بإذن الله تأسر الجاهلية و تلزمها لكي لا تصل الى ما كانت تصل اليه، ومن ثم؛ فهي الشافية لاستئصال هذا المرض العضال، لتكون بذلك الحصن الحصين التي يلجأ لها المسلم لحماية نفسه، فاعلم اخي المسلم انه لن يجيرك احد من اي خطر او مصيبة المت بك، او كانت تحيط بك، الا بالجوار الالهي و تعميق الاحساس بالعداء مع الجاهلية وخطرها ووسائلها القائمة على الافساد، المتمثل بإثارة مشاعرنا نحو الجاه والمال والسلطة والنساء، فيضرب بعضنا اعناق بعض.
و لن تكون النجاة من خسائرها الا برحمة الله وفضله (الرحمن الرحيم)، وتتمثل وسائل الجاهلية باليأس والخذلان والعداء والجهل والاغواء والكبرياء والنفاق والبغضاء والحيرة والندم والبدع والمعصية والصغائر والتضليل والذنوب والغفلة، وان التوافق مع اولياء الجاهلية وأئمة الكفر لا يزال المحرك لهذه الوسائل، وهو المحرك الفعلي للشر ونقض امر الله ومخالفته.

الصفحات