أنت هنا

قراءة كتاب التكتيكات الجديدة في مجال حقوق الإنسان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التكتيكات الجديدة في مجال حقوق الإنسان

التكتيكات الجديدة في مجال حقوق الإنسان

يعمد الناس إلى ابتكار واستخدام تكتيكات خلاّقة لجعل عملهم أكثر فعالية وذلك في جميع أنحاء العالم وعلى كافة المستويات أكان في القرى الصغيرة أو داخل الحكومات الوطنية وكذلك على أعلى مستويات العدالة الدولية.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 4

محددات الاستراتيجية الحالية

يمثل الإصرار على ممارسة التعذيب تحديّاً للمجتمع العالمي. ولقد حان الوقت في ضوء عدم نجاح استخدام التكتيكات الثلاثة الأكثر شيوعاً في تخفيف ممارسة التعذيب، كي ننظر مليّاً في محددات الاستراتيجية الحالية. وينبثق بعض الإدراك لهذه المحددات من عملية أطلق عليها أنا اسم «التطابق الثنائي الاستراتيجي».
ولنبدأ بالعلاقة ما بين من يقوم بالتعذيب والضحية. حيث قام فريق مكون من عشرة خبراء في التعذيب بوضع رسم بياني أو تخطيطي للعلاقات الأخرى التي تنطوي على هذا الانحراف الأساسي والتي تتيح ممارسة التعذيب. فعلى سبيل المثال، فإن الأشخاص الذين يقومون بالتعذيب، ينتسبون عادة لفريق يتمتع بقيادة قوية داخل الإدارة الحكومية، ويمكن أن يكون هؤلاء أيضاً جزءاً من مركز معين للشرطة أو وحدة عسكرية. ولقد تتبعنا هذه العلاقات عمودياً لكي نستوعب تسلسل القيادات التي تخطط وتنظم وتموّل استخدام التعذيب إلا أننا قمنا أيضاً بالنظر إلى كل واحدة من تلك العلاقات أفقياً من أجل أن نتفهم مواطن النفوذ والعلاقات المحتملة الأخرى. فمراكز الشرطة، على سبيل المثال، تضم أيضاً مدنيين وأطباء لهم علاقات مع العالم الخارجي الذي يمارس نوعاً من الرقابة والنفوذ عليهم. ولقد أبرزت الخريطة الأولية التي تم إعدادها باستخدام هذه العملية أكثر من أربعمائة علاقة، تراوحت بين العلاقات المحلية ذات المستوى الرفيع والعلاقات مع المجتمع الدولي.
ولقد افترضنا بأن كل علاقة ضمها الرسم التوضيحي كانت مكاناً محتملاً لبدء التدخل لاعتراض أو السيطرة على الثنائي الذي يضم مرتكب التعذيب والضحية. ولقد قمنا بوضع خريطة للعلاقات المستهدفة من قِبَل التكتيكات المختلفة ومن ثم سلسلة العلاقات المنطقية التي ينبغي أن تؤثر عليها وذلك بمساعدة الرسم التوضيحي لكي نتمكن من اعتراض هذا الثنائي المتطابق (والذي انبثق منه تعبير التطابق الثنائي الاستراتيجي)(1). ولقد توصلنا إلى عدد من النتائج الهامة:
1. لقد تم استحداث معظم التكتيكات عند الحواف البعيدة للرسم التوضيحي، كالمستوى الدولي، مما يعني أنهم اضطروا إلى شق طريقهم عبر العديد من شرائح العلاقات الأخرى قبل أن يؤثروا بطريق غير مباشر بالثنائي المتطابق الذي يضم مرتكب التعذيب والضحية. ولقد خمّنا أن هذا أضعف أو شتّت قوة الفعل.
2. أن الأنظمة التي تستخدم التعذيب تكون غالباً أنظمة معقدة للغاية وليست هشة أو سهلة الاعتراض، مما يمكن المؤسسات المختلفة التي تستفيد من استخدام التعذيب من دعم بعضها البعض. فعندما تتم مهاجمة جزء من النظام تتولى الأجزاء الأخرى (كنظام الشرطة ونظام الادعاء واللامبالاة التي يبديها القضاء) المساعدة في حماية الهدف والسماح له بإصلاح نفسه. إننا ندرك أن هذا يعني أن النظام لن يستسلم للتكتيكات الفردية وأن الأمر يتطلب أن يقع النظام تحت تأثير مجالات متعددة في آن واحد لخلق حالة من عدم التوازن والحيلولة دون حدوث إصلاح للذات. ويقتضي هذا استخدام التكتيكات المتعددة التي تعمل متكاتفة كجزء من استراتيجية أكثر شمولاً.
3. تدمج معظم المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان عدداً محدوداً من التكتيكات وذلك في إطار الأدوار التي تؤديها. وتميل المنظمات نحو التركيز على مجموعة ضيقة من التكتيكات، كما وأنها نادراً ما تتهاون في تطبيقها. ولا يؤدي هذا العائق فقط إلى التأثير الضيق جداً على قطاعات في نظام معقد يتّسم بالتطبيق المتبادل، بل يتجاوزه بحيث تتولى كل منظمة تشكيل استراتيجيتها بناءً على هذه القدرة المعزولة بدلاً من الاعتماد على ما هو ضروري للتأثير على الوضع. إننا نفعل ما نستطيع أن نفعله لا ما نحتاج أن نفعله، كما افترضنا أن زيادة التنسيق بين التكتيكات المختلفة سيجعلها أكثر فعالية.
4. لم تتأثر الكثير جداً من العلاقات التي أدرجت على الرسم التوضيحي كما أنها لم تشارك بأي شكل من أشكال العمل الحالي. ولم يتم استقطاب مواطن القوة أو مجالات الاهتمام لاستخدامها في العمل مما دعانا إلى الاستنتاج بضرورة استخدام سلسلة أوسع كثيراً من التكتيكات اللازمة لتفعيل دور كل من هذه الأطراف المحتملة.
«أنا لا أناقش ما يقال بأن التفكير التكتيكي أو التدريب يسبق التفكير الاستراتيجي بل بأن التطور التكتيكي يثري الأفكار الاستراتيجية»
إنني أعتقد بأن هذه الاستنتاجات نفسها تبقى صحيحة بالنسبة لقضايا أخرى أكانت الاجتماعية منها أو تلك التي تتعلق بحقوق الإنسان. إننا بحاجة لأن نجد طرقاً أخرى للعمل متكاتفين، وإلى طرق جديدة لإيجاد استراتيجيات فعالة من أجل التغيير. إن بعض الاستراتيجيات الحالية تحتاج إلى هيكل كي يتم من خلالها تجميع الموارد المحدودة للعديد من الأشخاص بفعالية أكبر داخل حملة موحدة. وقد يتطلب هذا ما أطلق عليه اسم «جامع الشمل الاستراتيجي» والذي قد يكون مؤسسة أو شخصاً لها أو له مصداقية أخلاقية يمكن من خلالها جمعنا معاً في إطار علاقة عمل جديدة، إلا أن آخرين يمكن أن يبدأوا بدافع يأتي من منظمات تعمل على تفحّص وسائل جديدة للضغط على أنظمة معقدة، ولتحفيز أداء مشاركين جدد ضمن النسيج الاجتماعي. ويمثل هذا الكتاب جزءاً من مشروع مهيمن هو مشروع التكتيكات الجديدة في مجال حقوق الإنسان بهدف تطوير حوار داخل حركة حقوق الإنسان حول كيفية تحقيق ذلك، ولكي نبيّن بشكل واسع بعضاً من الأدوات المتوفرة لنا لتحقيق أداء أكثر فعالية.

الصفحات