كتاب لقصصي وحكاياتي جمعت فيه بعضاً مما مر بي خلال رحلة الحياة..
أنت هنا
قراءة كتاب أول الوجع
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
أول الوجع
الصفحة رقم: 7
" طريق الملح "
يمر طويلاً هذا اليوم وكسولاً ومملاً.. وأبدو فيه رخواً أي شيء يحركني أو يهزني أو يستفزني.. منذ الصباح وقد استيقظت على حلم مزعج لم أكف عن استحضاره وإعادته في رأسي، في محاولة لفك طلاسمه دون جدوى... رأيت رجلاً أسود غاية في الضخامة وكأنه كتلة سوداء كبيرة توشك أن تقع وهو يحمل كنبة مهترئة.... راقبته بحذر شديد من خلف زجاج نافذتي التي دخل منها إلى البيت الذي رأيته خال من الأثاث.. دخل منها ولدان قبضت عليهما وأوسعتهما ضرباً وأنا لا أعرفهما. ثم وضعتهما في كيسين كخرق بالية وجررتهما حتى الباب الرئيس للشقة ووضعت الكيسين أمام الباب، بعد أنْ أخرجت الولدين منهما، ثم تركت الباب مفتوحاً وعدت إلى الشقة. وقبل ذلك رأيت أطفال الجيران وهم اثنان يقومان بغسل وجهيهما أمام الباب في مغسلة، وهذا الباب الذي دخل منه رجل لم أره في حياتي ولا أعرفه، فنهرته بشدة لكنه لم يسمعني ولم يكترث، بل دخل ومعه زميل له لا أدري كيف دخلا وأصبحا يتفحصان نقاط الكهرباء في الشقة.. ثم سألت ابني عن أولاد الجيران فلم يعرفهما، وقام الولدان اللذان دخلا من النافذة بمحاولة حفر بلاط الحمام الصغير في الشقة.. بعدها خرجت إلى الحديقة ورأيت القطة وقد ضمر بطنها، وكأنها ولدت.. ثم رأيت مجموعات من الناس على الجبل المقابل يقتتلون بقذف الحجارة على بعضهم، وكان نفر منهم يقذفها نحوي لكنها لم تصبني لأنني كنت أتفاداها.. ثم ذهبت نحوهم لكنهم اختفوا وظهرت أمامي بناية كبيرة جداً، جهة منها على شكل كنيسة والجهة الأخرى على شكل جامع ضخم، فقلت في نفسي من أين أتت هذه البناية؟ ومتى بنيت على الجبل المتاخم لشقتي؟ وأثناء ذلك كنت أمشي على طريق وعرة وسهلة هبطت بيدي عليها وتحسستها ثم لحست يدي فكان مذاقها مالحاً! نفضت يدي منها برضا ومضيت لأرى صبياً يقوم بتفجير ما يشبه اللغم وهو يضحك بشدة وحوله جمع من النساء يزغردن، وبينهن رجل كهل يبارك ما يفعله الصبي وما تقوم به النساء من الاحتفال والفرح.. ثم دخلت الجمع غاضباً ومحتداً وصارخاً إلى أن كفوا عن هذا التهريج. هذا طفل يجب أن لا تختبئوا وراءه، ولا يجب أن تزينوا له ما يفعل، ما يلعب فيه خطر عليه وظللت أصرخ في وجوههم.. كفّوا.. كفّوا.. والكل يضحك بهستيريا حتى غمروني فنفضت نفسي ودخلت البناية الضخمة من بابين، وإذ أنا في ساحة كبيرة جداً وطافحة عن آخرها بالناس والجنود.. وكنت أمشي حافي القدمين.. وأنا أسمع صوت زوجتي تطلب مني مساعدتها في إغلاق درفة الشباك الألمنيوم.. فقلت لها.. ضعي عليها قليلاً من زيت الزيتون.. واستيقظت.. بعد قليل سمعت أصوات سيارات الإسعاف في الشارع بشكل كثيف. فتحت التلفاز وكانت قناة الجزيرة تذيع خبراً عن تفجيرات فنادق عمان.